أَكْثَم بن صَيْفِي بن ريَاح بن الْحَارِث يَنْتَهِي إِلَى عَمْرو بن تيم عمر دهراً طَويلا أدْرك الْإِسْلَام ذكره ابْن أبي طَاهِر فِي شعراء تَمِيم وروى لَهُ الْغلابِي عَن ابْن عَائِشَة عَن أَبِيه من الطَّوِيل)
(إنّ امْرَءًا قد عَاشَ تسعين حجَّة ... إِلَى مائةٍ لم يسأم العيشَ جاهلُ)
(أَتَت مِائَتَان غير عشرٍ وفاؤها ... وَذَلِكَ من مرّ اللَّيَالِي قلائلُ)
ويروى أَن أَكْثَم قصد النُّعْمَان بن الْمُنْذر مَعَ جمَاعَة من قومه فِي إِطْلَاق أُسَارَى بني تَمِيم فحجبهم مُدَّة فَقَالَ أَكْثَم من الوافر
(لَبِيثٌ بالقطانة نصفَ حول ... وبالغادين حولا مَا تريمُ)
(وآسانا على مَا كَانَ أوسٌ ... وبعضُ الحيّ مَلْحِيٌّ ذميمُ)
يَعْنِي أَوْس بن حجر لِأَنَّهُ أَقَامَ مَعَه وَانْصَرف غَيره فَلَمَّا صَار إِلَى بَاب النُّعْمَان وَكَانَ حَاجِبه رجل من الْعَرَب يُقَال لَهُ حمل بن مَالك بن أهبان فَأخذ أَكْثَم الْحلقَة ثمَّ ناداه من الرجز
(يَا حَمَلَ بن مَالك بن أُهبانْ ... هَل تُبلِغنّ مَا أقولُ النعمانْ)
(أهلكتنا بِالْحَبْسِ بعد الحِرمْانْ ... من بَين عانٍ جائعٍ وعطشان)
وَذَاكَ من شرّ حبِاء الضِّيفانْ فأوصله النُّعْمَان وَقضى حَاجته
قَالَ ابْن عبد الْبر لَا يَصح إِسْلَام أَكْثَم بن صَيْفِي وَقد ذكره أَبُو عَليّ ابْن السكن فِي كتاب الصَّحَابَة فَلم يصنع شَيْئا والْحَدِيث الَّذِي ذكره فِي ذَلِك هُوَ أَن قَالَ لما بلغ أَكْثَم بن صَيْفِي مخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرَادَ أَن يَأْتِيهِ فَأبى قومه أَن يَدعُوهُ قَالُوا أَنْت كَبِيرنَا لم تكن لتخف إِلَيْهِ قَالَ فليأت من يبلغهُ عني ويبلغني عَنهُ قَالَ فَانْتدبَ رجلَانِ فَأتيَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَا نَحن رسل أَكْثَم بن صَيْفِي وَهُوَ يَسْأَلك من أَنْت وَمَا أَنْت وَبِمَ جِئْت فَقَالَ أَنا مُحَمَّد بن عبد الله وَأَنا عبد الله وَرَسُوله ثمَّ تَلا عَلَيْهِم هَذِه الْآيَة إنّ اللهَ يأمُرُ بالعَدْلِ والإحْسانِ الْآيَة فَأتيَا أَكْثَم فَقَالَا أَبى أَن يرفع نسبه فسألنا عَن نسبه فوجدناه زاكي النّسَب واسطاً فِي مُضر وَقد رمى إِلَيْنَا كَلِمَات وَقد حفظناهن فَلَمَّا سمععهن أَكْثَم قَالَ أَي قوم أرَاهُ يَأْمر بمكارم الْأَخْلَاق وَينْهى عَن ملامها فكونوا فِي هَذَا الْأَمر رُؤَسَاء وَلَا تَكُونُوا فِيهِ أذناباً وَكُونُوا فِيهِ أَولا وَلَا تَكُونُوا فِيهِ آخرا فَلم يلبث أَن حَضرته الْوَفَاة فَقَالَ أوصيكم بتقوى الله وصلَة الرَّحِم فَإِنَّهُمَا لَا يبْلى عَلَيْهِمَا أصل وَذكر الحَدِيث إِلَى آخِره قَالَ ابْن عبد الْبر وَلَيْسَ فِي هَذَا الْخَبَر شَيْء يدل على إِسْلَامه بل فِيهِ بَيَان وَاضح أَنه إِذْ أَتَاهُ الرّجلَانِ وأخبراه بِمَا قَالَ فَلم يلبث أَن مَاتَ وَمثل هَذَا لَا يجوز إِدْخَاله فِي الصَّحَابَة)