ذمام فِي عقدهَا وَكم بَحر سَعَادَة أصبح جَارِيا من مدادها ومددها وَكم متأوّد خطّ استقام بمثقفاتها وَكم صوارم فلّت مضاربها بمطرور من مرهفاتها الْبَسِيط
(لم يبْق لي أملا إِلَّا وَقد بلغت ... نَفسِي أقاصيه برا وإنعاما)
(لأفتحن بهَا وَالله يقدر لي ... مصاعبا أعجزت من قبل بهراما)
(تُعْطِي الأقاليم من لم تبد مسالة ... لَهُ فَلَا عجب إِن يُعْط أقلاما)
وَكَانَ قد طالع المستعصم فِي شخص من أمرء الْجَبَل يعرف بِابْن شرفشاه وَقَالَ فِي آخر كَلَامه وَهُوَ مُدبر فَوَقع المستعصم لَهُ السَّرِيع
(وَلَا تساعد أبدا مدّبرا ... وَكن مَعَ الله على الْمُدبر)
وَكتب ابْن العلقمي أبياتا فِي الْجَواب مِنْهَا السَّرِيع
(يَا مَالِكًا أَرْجُو بحبي بِهِ ... نيل المنى والفوز فِي الْمَحْشَر)
(أرشدتني لَا زلت لي مرشداً ... وهادياً من رَأْيك الأنور)
(ابنت لي بَيت هدى قلته ... عَن شرف فِي بَيْتك الأطهر)
(فضلك فضل مَا لَهُ مُنكر ... لَيْسَ لضوء الشَّمْس من مُنكر)
(أَن يجمع الْعَالم فِي وَاحِد ... فَلَيْسَ لله بمستنكر)
قلت قلب بَيت أبي نواس فَجعل عَجزه صَدرا وَهُوَ مَشْهُور واشتغل بالحلة على عميد الرؤساء أَيُّوب وَعَاد إِلَى بَغْدَاد وَأقَام عِنْد خَاله عضد الدّين أبي نصر الْمُبَارك ابْن الضَّحَّاك وَكَانَ استاذ الدَّار وَلما قبض على مؤيد القمي وَكَانَ أستاذ الدَّار فوضت الْأُسْتَاذ دارية إِلَى شمس الدّين ابْن النَّاقِد ثمَّ عزل وفوضت الْأُسْتَاذ دارية إِلَى ابْن العلقمي فَلَمَّا توفّي الْمُسْتَنْصر بِاللَّه وَولي الْخلَافَة أَمِير الْمُؤمنِينَ المستعصم وَتُوفِّي الْوَزير نصر الدّين ابو الْأَزْهَر أَحْمد بن النَّاقِد وزر ابْن العلقمي وَكَانَ قد سمع الحَدِيث واشتغل على أبي الْبَقَاء العكبري وَحكى أَنه لما كَانَ يُكَاتب التتار تحيل مرّة إِلَى أَن أَخذ)
رجلا وَحلق رَأسه حلقا بليغاً وَكتب مَا أَرَادَ عَلَيْهِ بوخز الأبر كَمَا يفعل بالوشم ونفض عَلَيْهِ الْكحل وَتَركه عِنْده إِلَى أَن طلع شعره وغطى مَا كتب فجهزه وَقَالَ إِذا وصلت مرهم بحلق رَأسك ودعهم يقرأون مَا فِيهِ وَكَانَ فِي آخر الْكَلَام قطعُوا الورقة فَضربت رقبته وَهَذَا غَايَة فِي الْمَكْر والخزي وَالله أعلم
٣ - (سعد الدّين ابْن عَرَبِيّ)
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ ابْن الْعَرَبِيّ الطَّائِي الْحَاتِمِي سعد الدّين ابْن الشَّيْخ محيي الدّين ابْن الْعَرَبِيّ الأديب الشَّاعِر ولد بملطية فِي رَمَضَان سنة ثَمَان عشرَة وست مائَة وَسمع الحَدِيث ودرس وَكَانَ شَاعِرًا مجيداً أَجَاد المقاطيع الَّتِي نظمها فِي الغلمان وأوصافهم وَله ديوَان مَشْهُور وَتُوفِّي بِدِمَشْق سنة سِتّ وَخمسين وست مائَة وقبره عِنْد قبر أَبِيه بسفح قاسيون بتربة القَاضِي محيي الدّين ابْن الزكي وَمن شعره فِي مليح رَآهُ بِالزِّيَادَةِ فِي دمشق الْخَفِيف
(يَا خليلي فِي الزِّيَادَة ظَبْي ... سلبت مقلتاه جفنى رقاده)