للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأبي الله تَعَالَى إِلَّا أَن يَجْعَل رزقه فِي صناعَة الْحساب لَمْ يزل مَعَ ابْن عمّه عماد الدّين سعيد بن ريّان فلمّا حجّ عماد الدّين توجّه فِي الْعود مَعَ الركب الْمصْرِيّ وسعى فِي نظر جَيش حلب وَأخذ بذلك توقيعاً

فَلَمَّا وصل إِلَى دمشق اخترمته المنيّة هُنَاكَ فَأخذ القَاضِي جمال الدّين توقيعه وتوجّه إِلَى حلب وَكَانَ قَرا سًنْقُر بِهَا نَائِبا ولعماد الدّين عَلَيْهِ حُقُوق فاستقرّ بِالْقَاضِي جمال الدّين نَاظر الْجَيْش وَلَمْ يزل بِهَا إِلَى سنة ثَمَان عشرَة وَسبع مائَة فرسم لَهُ بصفد نَاظر المَال فورد إِلَيْهِمَا وَأقَام بِهَا إِلَى أَوَائِل سنة ثَلَاث وَعشْرين فَطلب إِلَى مصر فولاّه السُّلْطَان نظر الكرك ووكالة بَيت المَال ثُمَّ إنّ السُّلْطَان ولاّه نظر المَال بحلب وَلَمْ يتوجّه إِلَى الكرك فَأَقَامَ عَلَى نظر المَال بحلب مدّةً يسيرَة ثُمَّ توجّه إِلَى مصر وتولاّها ثَانِيًا ثُمَّ عُزل عَن نظر الْمَار وَحضر إِلَى نظر المَال بصفد فَأَقَامَ قَرِيبا من شهر ثُمَّ طُلب إِلَى مصر وتولىّ نظر الْجَيْش وَلَمْ يزل إِلَى أَن عُزل فِي وَاقعَة لُؤْلُؤ فَأَقَامَ مدّةً يسرةً ثُمَّ جُهّز إِلَى نظر جَيش طرابلس وَأقَام بِهِ مدّةً ثُمَّ حضر إِلَى صفد ثَالِثا ناطر المَال وَولده شرف الدّين حُسَيْن نَاظر الْجَيْش بِهَا فَأَقَامَ مدّةً وتوّجه إِلَى حلب نَاظر الْجَيْش ثُمَّ استعفى وَطلب الْوَظِيفَة لِابْنِهِ القَاضِي بهاء الدّين حسن وَلزِمَ بَيته مُدَّة ثُمَّ ولاّه السُّلْطَان نظر الْجَيْش دمشق فَحَضَرَ إِلَيْهَا فِي أَوَاخِر أيّام تنكز وَأقَام فِي جَيش دمشق إِلَى أَن عُزل أيّام الْأَمِير علاْ الدّين الطنبغا فتوجّه إِلَى حلب وَأقَام بِهَا لَازِما دَاره مُقبلا عَلَى شَأْنه لَا يخرج مِنْهُ إلاّ إِلَى صَلَاة الْجُمُعَة فلمّا كَانَ فِي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسبع مائَة حضر إِلَى دمشق وتوجّه إِلَى الْحجاز وَقضى حجّة الْإِسْلَام وَعَاد وَقَدْ ضعف عَن الرّكُوب فَركب محفّةً وتوجّه إِلَى حلب وَلَقَد رَأَيْته كثيرا يقوم فِي اللَّيْل ويركع قَرِيبا من عشْرين رَكْعَة قبل انبلاج الْفجْر وَلَهُ كلّ أُسْبُوع ختمة يَقْرَأها هُوَ وَأَوْلَاده ويصوم غير رَمَضَان كثيرا وذهنه جيّد سمع من ابْن مشرّف وستّ الوزراء وَقَرَأَ العربيّة عَلَى الشَّيْخ شرف الدّين أخي الشَّيْخ تَاج الدّين)

ويُعرب جيّداً وَيعرف الْفَرَائِض جيّداً والحساب وطرفاً صَالحا من الْفِقْه وَالْأُصُول وَعَلَى ذهنه نكت من أَبْيَات الْمعَانِي ومسائل من علم الْمعَانِي وَالْبَيَان وَالْعرُوض وينقل شَيْئا كثيرا من القرآات ومرسوم الْمُصحف وَلَهُ غرام كثير بِكِتَابَة الْمَصَاحِف استكتب مِنْهَا جملَة فِي قطع الْبَغْدَادِيّ كَامِلا وَلَمْ يزل عَلَى مُلَازمَة دَاره وانقطاعه إِلَى أَن توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة تسع وَأَرْبَعين وَسبع مائَة

٣ - (المستعين بِاللَّه الْأمَوِي)

سُلَيْمَان بن الحكم بن سُلَيْمَان بن النَّاصِر عبد الرَّحْمَن الْأمَوِي الملقّب بالمستعين خرج قبل الْأَرْبَع مائَة والتفّ عَلَيْهِ خلق كثير من جيوش البربر بالأندلس وحاصر قرطبة وَأَخذهَا ثمّ إنّ مُتَوَلِّي سبتة عليّ خرج عَلَيْهِ وجهّز لحربه جَيْشًا فَالْتَقوا وَانْهَزَمَ جَيش المستعين فَدخل قرطبة وهجم عَلَى المستعين وذبحه صبرا وَذبح أَبَاهُ وَذَلِكَ فِي سنة سبع وَأَرْبع مائَة وملّك قرطبة مرّتين فَكَانَت مدّة ملكه فِي الْمَرَّتَيْنِ ستّ سِنِين

<<  <  ج: ص:  >  >>