٣ - (ابْن شهَاب الدّين مَحْمُود)
مُحَمَّد بن مَحْمُود بن سلمَان بن فَهد القَاضِي شمس الدّين صَاحب ديوَان الْإِنْشَاء بِدِمَشْق وَابْن صَاحب ديوَان الْإِنْشَاء بهَا جَاءَ وَالِده إِلَى دمشق من مصر وَكَانَ حول وَالِده يكْتب المطالعة هُوَ وَولده القَاضِي شرف الدّين أَبُو بكر وَكَانَ القَاضِي شمس الدّين إِذا سَافر الْأَمِير سيف الدّين تنكز إِلَى الصيود يُسَافر هُوَ مَعَه ويتخلف وَالِده بِالْمَدِينَةِ لضَعْفه عَن الْحَرَكَة وَكبر سنه فَلَمَّا توفّي وَالِده فِي شعْبَان سنة خمس وَعشْرين وَسبع مائَة تولى هُوَ صحابة ديوَان الْإِنْشَاء مَكَان وَالِده اسْتِقْلَالا فَلم تطل مدَّته بعد ذَلِك وَتُوفِّي فِي عَاشر شَوَّال سنة سبع وَعشْرين وَسبع)
مائَة وَكَانَ رَحمَه الله خطا مَنْسُوبا نقشاً نغشاً مليحاً إِلَى الْغَايَة وَكتب مجاميع أدبية كَثِيرَة وَلم يكن فِيهِ شَرّ من خِيَار عباد الله طباعاً كثير التَّوَاضُع لم يُغَيِّرهُ المنصب وَلم يكن لَهُ فِيمَا علمت نظم وَلَا نثر وَكَانَ الْأَمِير سيف الدّين تُنْكُز يحبّه كثيرا ويميل إِلَيْهِ وَلما توفّي رثاه جمال الدّين مُحَمَّد بن نباتة بقصيدةٍ أَولهَا
(أطلق دموعك إِن الْقلب مَعْذُور ... وَإنَّهُ بيد الأحزان مأسور)
(وخل عَيْنَيْك يهمي من مدامعها ... در على كَاتب الْإِنْشَاء منثور)
(يسوءني ويسوء النَّاس أجمع يَا ... بَيت البلاغة أَن الْبَيْت مكسور)
(فِي كل يَوْم برغمي من مَنَازِلكُمْ ... ينأى وَيذْهب مَحْمُود ومشكور)
(خبا الشهَاب فَقُلْنَا الشَّمْس فاعترضت ... أَيدي الردى فزمان الْأنس ديجور)
(آهاً لمنظر شمس لَا يذم لَهَا ... بالسعي فِي فلك العلياء تسيير)
مِنْهَا
(لهفي عَلَيْهِ لأخلاق مهذبة ... سعي الثَّنَاء بهَا وَالْأَجْر مبرور)
(تواضع لاسمه مِنْهُ أزدياد عُلى ... وَفِي التكبر للأسماء تَصْغِير)
(وهمة بَين خدام العلى نشأت ... فاللفظ وَالْعرض ريحَان وكافور)
(لَا عيب فِيهِ سوى فكر عوائده ... للحمد رق وللألفاظ تَحْرِير)
(حَتَّى إِذا لَاحَ مَرْفُوعا مدائده ... وَرَاح ذيل علاهُ وَهُوَ مجرور)
(تخيرته أكف الْمَوْت عارفة ... بنقده وتنقته الْمَقَادِير)
مِنْهَا
(والمرء فِي الأَصْل فخار فَلَا عجب ... إِن رَاح وَهُوَ بكف الدَّهْر مكسور)
(جَادَتْ ضريحك شمس الدّين سَارِيَة ... يُمْسِي صداك لَدَيْهَا وَهُوَ مسرور)