درس بالعذراوية وَكَانَ يتورع من الْمُرُور فِي رواق الْحَنَابِلَة لِئَلَّا يأثموا بالوقيعة فِيهِ لِأَن عوامهم يبغضون بني عَسَاكِر لأَنهم شافعية أشاعرة وَعرض عَلَيْهِ ولايات ومناصب فَتَركهَا وصنف فِي الْفِقْه والْحَدِيث مصنفات وَتُوفِّي سنة عشْرين وست مائَة ومولده سنة خمسين وَخمْس مائَة
٣ - (الفراسي المغربي)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الفراسي بِالْفَاءِ وَبعد الرَّاء ألف وسين مُهْملَة قَرْيَة تعرف ببني فراس جوَار تونس إِلَّا أَن مستقره تونس وَبهَا تأدبه كَانَ شَاعِرًا خليعاً مَاجِنًا شريراً كثير المهاجاة قيل المداراة خَفِيف اللِّسَان من تلاميذ الصرايري توفّي بِمَدِينَة سوسة سقط من سطح وَهُوَ سَكرَان بِحَضْرَة عَتيق بن مفرج سنة ثَمَان وَأَرْبع مائَة وَقد نَيف على الثَّلَاثِينَ
لما ولي القَاضِي عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد النَّحْوِيّ قَضَاء تونس كتب الفراسي فِي الْجَبَل المعشوق حَيْثُ يتنزه النَّاس ويتفرجون المتقارب
(يَقُول فراسي هَذَا الزَّمَان ... وَمَا زَالَ فِي قَوْله يعدل)
(مَتى يملك الأَرْض دجالها ... فقد صَار قاضينا أَحول)
وبلغه ذَلِك فأحفظه وَدعَاهُ إِلَيْهِ رجل خاصمه فَلَمَّا مثل بَين يَدَيْهِ سمع دَعْوَى خَصمه وَسَأَلَهُ فَأقر فألزمه أَدَاء الْحق فَامْتنعَ وَقَالَ عَليّ يَمِين إِن لَا أديته إِلَى وَقت كَذَا فَأَطْرَقَ القَاضِي سَاعَة وَقضى عَنهُ مَا وَجب لغريمه فَلَمَّا خرج قَلِيل لَهُ وَيحك مَا صنعت قَالَ أردْت أَن اسْتحلَّ عرضه فحرمه عَليّ ونظم المنسرح
(من كَانَ عِنْدِي لَهُ مُطَالبَة ... كَأَن بيني وَبَينه القَاضِي)
)
(قَاض قضى عني الْحُقُوق على ... بعدِي مِنْهُ وفرط إعراضي)
(أَبَاحَ لي مَاله ليمنعني ... من عرضه وَهُوَ ساخط رَاض)
(فيا لَهَا رقية مسكنةً ... لحية قد ساورت نضناض)
وَمن شعره مخلع الْبَسِيط
(خلقت إِلَّا عَلَيْك جلدا ... يَا متلفي جفوة وصدا)
(لججت وصلا فلج هجراً ... وزدت قرباً فَزَاد بعدا)
(يَا أَيهَا النَّاس أَي شَيْء ... عَلَيْكُم إِن هَلَكت وجدا)
(حرمت من وَصله نَصِيبي ... إِن لم تكن وجنتاه وردا)