(فَأَنت على هَذَا الزَّمَان كثير ... ورأيك فِي النّظم البديع جميل)
٣ - (ابْن الحاجبي الْمصْرِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد شهَاب الدّين الْمَعْرُوف بالحاجبي شَاب جندي رَأَيْته بِالْقَاهِرَةِ فِي سوق الْكتب سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ
(أَقُول شبّه لنا جيد الرّشا ترفاً ... يَا معمل الْفِكر فِي نظمٍ وإنشاء)
(فظلّ يجْهد أَيَّامًا قريحته ... وشبّه المَاء بعد الْجهد بِالْمَاءِ)
وَبَلغنِي عَنهُ مقاطيع رائقة وأبيات رائعة مِنْهَا قَوْله)
(مالوا بِغَيْر الراح أغصانا ... والتفتوا يَا صَاح غزلانا)
(وَاحْتَملُوا فِي الخصر لما مَشوا ... فِي عقدات الرّمل كثبانا)
(غيد حلت أفنان أوصافهم ... هَذَا الَّذِي وَالله أفنانا)
(فِي وَجه كل مِنْهُم رَوْضَة ... حوت من الأزهار ألوانا)
(يَقُول لي لين تثننّيهم ... ضلَّ الَّذِي بِالرُّمْحِ حاكانا)
(هَب سنّه يَغْزُو كألحاظنا ... فَهَل رَأَيْت الرّمح وسنانا)
(أَشْكُو إِلَيْهِم تعباً من جَفا ... صيّرني فِي اللَّيْل سهرانا)
(قَالُوا أترجوه رَاحَة فِي الْهوى ... لم يزل العاشق تعبانا)
(وَلَا تكن ذَا طمع فِي الْكرَى ... إنّا فتحنا لَك أجفانا)
وَلما سمع قولي
(قَالَت لأيري وَهُوَ فِيهَا ضائعٌ ... كالحبل وسط الْبِئْر إِذْ تلقيه)
(قد عِشْت فِي كُس كَبِير قلت مَا ... كذبت لأنّ الْكَاف للتشبيه)
قَالَ هُوَ مُخْتَصرا
(ربَّ صغيرٍ حِين ولّفته ... أيقنت لَا يدْخل إلاّ الْيَسِير)
(ألفيته كالبئر فِي وَسعه ... حَتَّى عجبنا من صغيرٍ كَبِير)
وَكَذَا لما سمع قولي
(يَا طيب نشرٍ هبَّ لي من أَرْضكُم ... فأثار كامن لوعتي وتهتكي)
(أدّى تحيتكم وأشبه لطفكم ... وَحكى شذاكم إنَّ ذَا نشر ذكي)
قَالَ هُوَ