توفّي سنة ثَمَان وَسبعين ومايتين
٣ - (القَاضِي كريم الدّين الْكَبِير)
عبد الْكَرِيم بن هبة الله بن السديد الْمصْرِيّ القَاضِي النَّبِيل الْجَلِيل الْمُدبر كريم الدّين أَبُو الْفَضَائِل الْكَبِير ابْن الْعلم وَكيل السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون وناظر خواصه ومدبر دولته بلغ فَوق مَا يبلغهُ الوزراء ونال فَوق مَا يَنَالهُ الْكتاب من الوجاهة وَالْحُرْمَة والتقدم أسلم كهلاً أَيَّام الجاشنكير وَكَانَ كَاتبه وَكَانَ لَا يصرف على السُّلْطَان شَيْء يَطْلُبهُ إِلَّا بقلم القَاضِي كريم الدّين وَيُقَال إِنَّه طلب مرّة إوزة وَلم يكن حَاضرا فَلم تصرف لَهُ وَلما هرب الجاشنكير على مَا تقدم فِي تَرْجَمته وَأخذ الخزائن مَعَه وَورد السُّلْطَان من الكرك تطلبه كثيرا حكى لي الْحَافِظ فتح الدّين ابْن سيد النَّاس قَالَ جَاءَ إِلَى الْأَمِير علم الدّين الجاولي وَقَالَ لَهُ قد جِئْت إِلَيْك فَقَالَ مَا فِي يَدي لَك فرج وَلَكِن للسُّلْطَان الْيَوْم خاصكي يُقَال لَهُ الْأَمِير سيف الدّين طغاي الْكَبِير وَهُوَ لَا يُخَالِفهُ فَأُرِيد أجتمع لَك بِهِ وأعرفك مَا يكون)
ثمَّ إِنَّه اجْتمع بِهِ فَقَالَ لَهُ أحضرهُ وَدخل الْأَمِير سيف الدّين طغاي إِلَى السُّلْطَان وَهُوَ يضْحك وَقَالَ لَهُ إِن حضر كريم الدّين أيش تُعْطِينِي ففرح وَقَالَ أعندك هُوَ أحضرهُ فَخرج وَقَالَ للأمير علم الدّين أحضرهُ فَأحْضرهُ فَقَالَ لَهُ مهما قَالَ لَك السُّلْطَان قل لَهُ نعم وَلَا تخَالفه وَدعنِي أَنا أدبر أَمرك فَدخل بِهِ عَلَيْهِ فَلَمَّا رَآهُ استشاط غَضبا وَقَالَ لَهُ أخرج السَّاعَة احْمِلْ ألف ألف دِينَار فَقَالَ لَهُ نعم وَخرج فَقَالَ لَا كثير إحمل خمس ماية ألف دِينَار فَقَالَ السّمع وَالطَّاعَة فَقَالَ لَا كثير إحمل ثَلَاث ماية ألف دِينَار فَقَالَ السّمع وَالطَّاعَة فَقَالَ لَا كثير إحمل السَّاعَة ماية ألف دِينَار فَقَالَ السّمع وَالطَّاعَة فَخرج فَقَالَ لَهُ الْأَمِير سيف الدّين طغاي لَا تسقع دقنك وتحضر الْجَمِيع الْآن وَلَكِن هَات لي الْآن مِنْهَا عشرَة آلَاف دِينَار وَدخل بهَا إِلَى السُّلْطَان فسكن غيظه وَبَقِي كل يَوْمَيْنِ وَثَلَاثَة يحمل خَمْسَة آلَاف دِينَار وَمرَّة ثَلَاثَة آلَاف دِينَار وَمرَّة أَلفَيْنِ وَلم يزل هُوَ وَالْقَاضِي فَخر الدّين نَاظر الْجَيْش يصلحان أمره عِنْد السُّلْطَان إِلَى أَن رَضِي عَنهُ وسامحه بِمَا بَقِي واستخدمه نَاظر الْخَاص وَهُوَ أول من بَاشر هَذِه الْوَظِيفَة وَلم تكن تعرف أَولا ثمَّ تقدم وأحبه محبَّة لم يُحِبهَا لآخر مثله وَكَانَ يخلع عَلَيْهِ أطلس أَبيض والفوقاني بطرز والتحتاني بطرز
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute