من أهل الْكُوفَة وَمن أَعْيَان علمائها بالنحو واللغة وفنون الْأَدَب قدم بغداذ وَكَانَ مُخْتَصًّا بِعَبْد الله بن المعتز وَعمل لَهُ رِسَالَة فِيمَا انكرته الْعَرَب على أبي عبيد الْقَاسِم بن سَلام ووافقته فِيهِ وَكَانَ مؤدب أَوْلَاد مُحَمَّد بن يزْدَاد وَزِير الْمَأْمُون وَله كتاب مُصَنف فِيمَا يَسْتَعْمِلهُ الْكتاب)
٣ - (أَبُو الْهُذيْل العلاف)
مُحَمَّد بن الْهُذيْل بن عبد الله بن مَكْحُول العلاف الْبَصْرِيّ المعتزلي أَبُو الْهُذيْل وَقيل اسْمه أَحْمد وَكَانَ من أجلاد الْقَوْم رَأْسا فِي الاعتزال وَمن الْمُعْتَزلَة فرقة ينسبون إِلَيْهِ يعرفونه بالهذيلية يَقُولُونَ بمقالاته زعم أَن أهل الْجنَّة تَنْقَطِع حركاتهم حَتَّى لَا يتكلموا كلمة وَيَنْقَطِع نعيمهم وَكَذَلِكَ أهل النَّار خمود سكُوت وتجتمع اللَّذَّة لأهل الْجنَّة والآلام لأهل النَّار فِي ذَلِك السّكُون وَهَذَا قريب من مَذْهَب جهم بن صَفْوَان فَإِنَّهُ حكم بِفنَاء الْجنَّة وَالنَّار وَإِنَّمَا الْتزم أَبُو الْهُذيْل هَذَا الْمَذْهَب لِأَنَّهُ لما الْتزم فِي مسئلة حدث الْعَالم أَن الْحَوَادِث الَّتِي لَا أول لَهَا كالحوادث الَّتِي لَا آخر لَهَا إِذْ كل وَاحِد مِنْهُمَا لَا يتناهى قَالَ إِنِّي لَا أَقُول بحركات لَا تتناهى بل يصيرون إِلَى سُكُون دَائِم فَظن أَن مَا الْتزم من الْإِشْكَال فِي الْحَرَكَة لَا يلْزمه فِي السّكُون وَغلط فِي ذَلِك بل هُوَ لَازم فَلَا فرق فِي امْتنَاع عدم التناهي بَين الحركات والسكون وَأثبت إرادات لَا فِي مَحل وَهُوَ أول من أحدث هَذِه الْمقَالة وَتَابعه عَلَيْهَا جمَاعَة من الْمُتَأَخِّرين وَقَالَ بعض كَلَام البارئ لَا فِي مَحل وَهُوَ قَوْله كن وَبَعضه فِي مَحل كالأمر وَالنَّهْي وَالْخَبَر والاستخبار وابتدع القَوْل بِأَن الْمَقْتُول بِالسَّيْفِ أَو غَيره لم ينْتَه أَجله وَلَا مَاتَ بأجله حَتَّى لَو فَرضنَا أَنه لم يقتل لبقي إِلَى أَجله فَيَمُوت وَكَذَلِكَ من أكل حَرَامًا لم يَأْكُل رزقه وَانْفَرَدَ بأَشْيَاء غير هَذِه يرْوى عَن الْمَأْمُون قَالَ لحاجبه من بِالْبَابِ فَقَالَ أَبُو الْهُذيْل وَعبد الله بن إباض الْخَارِجِي وَهِشَام ابْن الْكَلْبِيّ الرافضي فَقَالَ مَا بَقِي من رُؤُوس جَهَنَّم أحد إِلَّا وَقد حضر شرب مرّة عِنْد أنَاس فراود غُلَاما أَمْرَد فَضَربهُ بتور فَدخل فِي رقبته مثل الطوق فأحضر حداد حَتَّى فكه من عُنُقه وَقَالَ أَبُو الْهُذيْل أول مَا تَكَلَّمت كَانَ عمري خمس عشرَة سنة فبلغني أَن يَهُودِيّا قدم الْبَصْرَة وَقطع كل من فِيهَا فَقلت لِعَمِّي امْضِ بِي إِلَيْهِ حَتَّى أناظره فَقَالَ لَا طَاقَة لَك بِهِ فَقلت بلَى فمضينا إِلَيْهِ فَوَجَدته فِي إِثْبَات نبوة مُوسَى وإنكار نبوة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيَقُول نَحن قد اتفقنا على نبوة مُوسَى فأثبتوا لنا نبوة مُحَمَّد حَتَّى نقر بِهِ فَقلت لَهُ أَسأَلك أَو تَسْأَلنِي فَقَالَ مستصغراً أَو مَا ترى مَا فعلت بمشايخك فَقلت دع هَذَا واسألني أَو أَسأَلك فَقَالَ أَلَيْسَ قد ثبتَتْ نبوة مُوسَى وَصحت دلائله اتقر بِهَذَا أم تجحده فَقلت لَهُ سَأَلتنِي عَن نبوة مُوسَى وَهَذَا على أَمريْن أَحدهمَا مُوسَى الَّذِي أخبر عَن نبوة مُحَمَّد وَبشر بِهِ وَأمر باتباعه فَإِن كنت سَأَلتنِي عَن نبوة هَذَا فَأَنا أقرّ بِهِ وَهُوَ نَبِي وَالثَّانِي مُوسَى الَّذِي لم يخبر)