الْبَغْدَادِيّ سمع مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْمسلمَة وَحدث باليسير وروى عَنهُ أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن أبي الْقَاسِم بن حَمْزَة الساوي وَأَبُو الْقَاسِم عبد الْوَاحِد بن مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد الْمَدِينِيّ وَالْحِفْظ السلَفِي توفّي سنة خمس وَخمْس مائَة
٣ - (ابْن جوبان)
تمرتاش بن جوبان النوين كَانَ حَاكم الْبِلَاد الرومية فتتح بلاداً وَكسر جيوشاً وَكَانَ إِذا كَانَ وَقت اللِّقَاء نزل قعد على الأَرْض وَأمر أَصْحَابه بِالْقِتَالِ وَاسْتعْمل الْخمر فَإِذا انتشى ركب جَوَاده وَحمل فَلَا يثبت لَهُ أحد وَيَقُول لأَصْحَابه أَي من مَاتَ فإقطاعه لوالده أَو لِقَرَابَتِهِ لَا يخرج عَنهُ شَيْء وَأي من هرب فَأَنا خَلفه أَيْنَمَا توجه أحضرهُ وَمَا أبقيه فَالْأولى بِهِ أَن لَا يهرب وَكَانَ قد خطر لَهُ أَنه الْمهْدي وَتسَمى بذلك فَبلغ أَبَاهُ جوبان الْخَيْر فَأَتَاهُ واستتوبه من ذَلِك وأحضره مَعَه إِلَى خدمَة بو سعيد فَلَمَّا حضر مَعَه إِلَى الأردو رأى النَّاس ينزلون قَرِيبا من خام الْملك فَقطع بِالسَّيْفِ أطناب الخيم ووقف على بَاب خام السُّلْطَان وَرمى بالطومار وَقَالَ أَيْنَمَا وَقع ينزل النَّاس على دائرته فاعجب ذَلِك بو سعيد فَلَمَّا مَاتَ أَخُوهُ دمشق خواجا وهرب أَبوهُ اجْتمع هُوَ بالأمير سيف الدّين أيتمش وَطلب الْحُضُور إِلَى مصر وَحلف لَهُ فَحَضَرَ فِي جمع كَبِير وَخرج الْأَمِير سيف الدّين تنكز وتلقاه وَتوجه إِلَى الديار المصرية وَلم يخرج لَهُ السُّلْطَان وَأمر برد من حضر مَعَه الا الْقَلِيل واعطى لكل وَاحِد خمس مائَة دِرْهَم وخلعة فَعَاد الْجَمِيع إِلَّا نفر يسير فَأَرَادَ السُّلْطَان أَن نقطعه شَيْئا من أخباز الْأُمَرَاء فَقَالَ الْأَمِير سيف الدّين بكتمر الْحَاجِب يَا خوند إبش يُقَال عَنْك أَنَّك وَفد عَلَيْك وَاحِد مَا كَانَ فِي بلادك مَا تقطعه حَتَّى أخذت لَهُ من أخباز الْأُمَرَاء فرسم لَهُ بقطياً ثمَّ أَمر لَهُ كل يَوْم بِأَلف دِرْهَم إِلَى أَن ينْحل لَهُ إقطاع يُنَاسِبه وَكَانَ يَأْخُذ من بَيت المَال كل يَوْم ألف دِرْهَم ورسم لَهُ السُّلْطَان على لِسَان الْأَمِير سيف الدّين قجليس أَن يُطلق من الخزانة وَمن الاسطبل مَا يُريدهُ وَيَأْخُذ مِنْهُمَا مَا يخْتَار فَمَا فعل من ذَلِك شَيْئا وَنزل إِلَى الْحمام الَّتِي عِنْد حَوْض ابْن هنّس فَأعْطى الحمامي خمس مائَة دِرْهَم وللحارس ثَلَاث مائَة دِرْهَم وَكَانَ النَّاس كل يَوْم موكب)
يقدون الشمع بَين القصرين وَيجْلس النِّسَاء وَالرِّجَال على الطّرق يَقُولُونَ نَنْتَظِر أَنهم يؤمرون تمرتاش وعبرت عينه على النَّاس من مماليك السُّلْطَان الخاصكية الْأُمَرَاء وَكَانَ يَقُول هَذَا كَانَ كَذَا وَهَذَا كَانَ كَذَا وَهَذَا ألماس كَانَ جمالاً فَمَا حمل السُّلْطَان مِنْهُ ذَلِك وألبس يَوْمًا قبَاء من أقبية الشتَاء ألبسهُ إِيَّاه حَاجِب صَغِير فَرَمَاهُ عَن كتفه وَقَالَ مَا ألبسهُ إِلَّا من يَد ألماس الْحَاجِب الْكَبِير وَلم يزل فِي الْقَاهِرَة إِلَى أَن قتل أَبوهُ جوبان فِي تِلْكَ الْبِلَاد فأمسكه السُّلْطَان واعتقله فَوجدَ لذَلِك ألماً عَظِيما وَقعد أَيَّامًا لَا يَأْكُل شَيْئا إِنَّمَا يشرب مَاء وَيَأْكُل الْبِطِّيخ لما يجد فِي بَاطِنه من النَّار وَكَانَ قجليس يدْخل إِلَيْهِ وَيخرج ويطيب خاطره وَيَقُول لَهُ إِنَّمَا فعل السُّلْطَان هَذَا لِأَن رسل السُّلْطَان بو سعيد على وُصُول وَمَا يهون على بو سعيد أَن يبلغهُ أَن السُّلْطَان أكرمك وَقد حلف كل مِنْهُمَا