إِلَّا الله قَالَ فاسود وَجهه وَفتح عَيْني قَالَ ثمَّ قَالَ لنا وَحيِلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتهون قَالَ وَخَرجْنَا فَمَاتَ من سَاعَته
٣ - (الْمَنْصُور العبيدي)
إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن عبيد الله أَبُو الطَّاهِر الْمَنْصُور ابْن الْقَائِم ابْن الْمهْدي صَاحب إفريقية أحد الْخُلَفَاء الباطنية بَايعُوهُ يَوْم توفّي أَبوهُ الْقَائِم ولقب الْمَنْصُور وَكَانَ أَبوهُ قد ولاه محاربة أبي يزِيد مخلد الْخَارِجِي الإباضي وَكَانَ أَبُو يزِيد مَعَ كَونه سيء الِاعْتِقَاد زاهداً قَامَ غَضبا لله تَعَالَى لما انتهك هَؤُلَاءِ الحرمات وَكَانَ يركب حمارا ويلبس الصُّوف وَقَامَ مَعَه خلق كثير فحاربه الْقَائِم مراتٍ وَاسْتولى على جَمِيع مدن القيروان وَلم يبْق للقائم المهدية فنازلها أَبُو يزِيد فَهَلَك الْقَائِم فِي الْحصار وَقَامَ الْمَنْصُور هَذَا وأخفى مَوته ونهض لنَفسِهِ وصابر أَبَا يزِيد حَتَّى رَحل عَن المهدية وَنزل سوسة يحاصرها فَخرج إِلَيْهِ الْمَنْصُور والتقيا على سوسة فَهَزَمَهُ ووالى وثلاثمائة فَمَاتَ بعد أسره بأَرْبعَة أَيَّام من جراح كَانَت بِهِ فَأمر بسلخه وحشا جلده قطناً وصلبه وَبني مدينته مَوضِع الْوَقْعَة وسماها المنصورية واستوطنها وَكَانَ الْمَنْصُور رابط الجأش وثلاثمائة من المنصورية إِلَى جَلُولَاء ليتنزه بهَا وَمَعَهُ حظيته قضيب وَكَانَ مغرماً بهَا فَأمْطر الله عَلَيْهِم بردا كثيرا وسلط عَلَيْهِم ريحًا عَظِيمَة فَخرج مِنْهَا إِلَى المنصورية فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الْبرد فأوهن جِسْمه وَمَات أَكثر من مَعَه وَوصل إِلَى المنصورية فاعتل بهَا وَمَات يَوْم الْجُمُعَة آخر شَوَّال سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وثلاثمائة وَكَانَ سَبَب علته أَنه لما وصل المنصورية أَرَادَ دُخُول الْحمام فَنَهَاهُ طبيبه إِسْحَاق بن سُلَيْمَان الإسرائيلي فَلم يقبل مِنْهُ وَدخل الْحمام ففنيت الْحَرَارَة الغريزية ولازمه السهر فَأقبل إِسْحَاق يعالجه والسهر باقٍ على حَاله فَاشْتَدَّ ذَلِك على الْمَنْصُور فَقَالَ لبَعض خدمه أما بالقيروان طَبِيب يخلصني من هَذَا فَقَالَ هَا هُنَا شَاب قد نَشأ يُقَال لَهُ إِبْرَاهِيم فَأمر بإحضاره فَحَضَرَ فَعرفهُ حَاله وشكا إِلَيْهِ مَا بِهِ فَجمع لَهُ شَيْئا ينومه وَجعله فِي قنينة على النَّار وكلفه شمها فَلَمَّا أدمن شمها نَام فَخرج إِبْرَاهِيم مَسْرُورا بِمَا فعل)
وَجَاء إِسْحَاق إِلَيْهِ فَقَالُوا إِنَّه نَائِم فَقَالَ إِن كَانَ صنع لَهُ شَيْء ينَام بِهِ فقد مَاتَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ مَيتا فأرادوا قتل إِبْرَاهِيم فَقَالَ إِسْحَاق مَا لَهُ ذَنْب فَإِنَّمَا داواه بِمَا ذكره الْأَطِبَّاء غير أَنه جهل أصل الْمَرَض وَمَا عرفتموه ذَلِك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute