شجر الدّرّ فَأرْسلت إِلَى الْملك الْمَنْصُور عَليّ ابْن الْملك الْمعز تَقول لَهُ عَن أَبِيه أَنه ينزل إِلَى الْبَحْر فِي جمع من الْأُمَرَاء لإِصْلَاح الشواني المجهزة إِلَى دمياط فَفعل وَلما تَعَالَى النَّهَار شاع الْخَبَر بقتْله واضطربت أَقْوَال النَّاس فِي قَتله فأحدق الْعَسْكَر بالقلعة ودخلها مماليك الْمعز والأمير بهاء الدّين بغدي الأشرفي مقدم الْحلقَة وطمع الْحلَبِي فِي التَّقَدُّم وساعده على ذَلِك جمَاعَة من الْأُمَرَاء الصالحية فَلم يتم لَهُم مُرَاد ثمَّ إِن الَّذين فِي القلعة استحضروا الفائزي الْوَزير وَاتَّفَقُوا على تمْلِيك الْملك الْمَنْصُور عَليّ ابْن الْملك الْمعز وعمره يَوْمئِذٍ نَحْو خمس عشرَة سنة فرتبوه وَنُودِيَ فِي الْبَلَد بشعاره وَاسْتقر أَمر النَّاس وتفرق الصالحية إِلَى دُورهمْ
وامتنعت شجر الدّرّ مَعَ الَّذين قتلوا الْمعز فِي دَار السلطنة وَطلب مماليك الْمعز الهجوم عَلَيْهَا فَلم يمكنوهم مماليك الصَّالح فَحلف لَهَا مماليك الْمعز أَن لَا ينالوها بمساءة وطلبوا الصفي بن مَرْزُوق فَحَدثهُمْ بالقصة فصلب الْخَادِم محسن وَالَّذين اتَّفقُوا على قتل الْمعز وهرب سنجر مَمْلُوك الْجَوْجَرِيّ ثمَّ ظفر بِهِ فصلب إِلَى جَانب أستاذه وَكَانَ ذَلِك سنة خمس وَخمسين)
وسِتمِائَة وَقَالَ السراج الْوراق يرثيه من الطَّوِيل
(نُقِيم عَلَيْهِ مأتماً بعد مأتمٍ ... ونسفح دمعاً دون سفح المقطَّمِ)
(وَلَو أننا نَبْكي على قدر فَقدْه ... لدمنا عَلَيْهِ نتبع الدمع بِالدَّمِ)
(وَأرى بعد عَام للأسى جدة الصَّبِي ... كأنّ خطا الأيّام لم تتقدَّمِ)
(وسَلْ صَفَراً يُنْبيك عنّيَ أنّني ... دعوتُ الْكرَى من بَعده بالمحرَّمِ)
(يمثِّل لي شخصَ المعزِّ إِذا بدتْ ... لعينيَ اطلابُ الْخَمِيس العَرَمْرَمِ)
(وتذكرنيه الخيلُ مَا بَين مُسْرجٍ ... غَدا مُلجمًا صبري وَمَا بَين مُلجمِ)
(كأنْ لم يسْر والجيش قد مَلأ الفضا ... فَغَصَّ بِهِ والخيلُ بِالْخَيْلِ ترتمي)
(كَأَن لم يكن وَالنَّاس مَا بَين معرق ... لأبوابه تسري وَمَا بَين مشئم)
(كأنْ لم يتوًّج منبرٌ باسمه وَلَا ... علا وجْهَ دِينَار وَلَا وَجه درهمِ)
(كأنْ لم يكن بالسمهريّة باحثاً ... على كلِّ شيءٍ مِن عُداه مكتّمِ)
(أَلا نَمْ هَنِيئًا إنّ ثارك لم ينَمْ ... لَهُ أعينٌ قد حصَّنت كلَّ لَهْذَمِ)
(بنى اللهُ بالمنصور مَا هدًّم الردى ... وإنّ بناءَ الله غير مهدَّمِ)
(مليكُ الورى بُشْرى لمضمر طَاعَة ... وبؤسى لطاغٍ فِي زَمَانك مُجْرمِ)
(فَمَا للَّذي قدّمتَ من متأخَّرٍ ... وَلَا للَّذي أخرَّتَ من متقدَّمِ)
٣ - (الْأَمِير عز الدّين الْحلَبِي)
أيبك بن عبد الله الْحلَبِي الْكَبِير كَانَ من أَعْيَان الْأُمَرَاء الصالحية وقدمائهم مِمَّن يضاهي الْمعز وَله المكانة الْعَظِيمَة يعْتَرف لَهُ الْأُمَرَاء بالتعظيم وَكَانَ لَهُ