الْإِيمَان نسبه إِلَى أَنه يخْتَار دُخُول مصر على كل حَال وَرُبمَا لَهُ بَاطِن مَعَ المصريين فَغَضب لذَلِك وثنى رَأس فرسه وَعَاد وَلَو كَانَ دخل بِمن مَعَه لملك الديار المصرية وَعَاد الْمعز إِلَى الْقَاهِرَة مظفراً منصوراً وَخرج الْملك الْأَشْرَف من القلعة للقائه ورسخت قدم الْمعز وَعظم شَأْنه وَاسْتمرّ لَهُ الْحَال إِلَى سنة إِحْدَى وَخمسين فَوَقع الِاتِّفَاق بَينه وَبَين النَّاصِر على أَن يكون لَهُ وللبحرية الديار المصرية وغزة والقدس وَمَا فِي الْبِلَاد الشامية للْملك النَّاصِر وَأَفْرج عَن الْملك الْمُعظم توران شاه ابْن صَلَاح الدّين وأخيه نصْرَة الدّين وَالْملك الْأَشْرَف ابْن صَاحب حمص وَغَيرهم من الاعتقال وتوجهوا إِلَى الشَّام وَعظم شَأْن الْأَمِير فَارس الدّين أقطاري الجمدار والتفت عَلَيْهِ البحرية كَمَا مر فِي تَرْجَمته وَكَانَ أَصْحَابه يسمونه الْملك الْجواد فَعمل عَلَيْهِ وَقَتله الْمعز كَمَا مر هُنَاكَ ثمَّ إِن الْمعز خلع الْأَشْرَف بعد قتل أقطاي وأنزله من قلعة الْجَبَل إِلَى عماته القطبيات وَركب الْمعز بالصناجق السُّلْطَانِيَّة واستقل بِالْأَمر بمفرده
ثمَّ إِن العزيزية عزموا على قَبضه فِي سنة ثَلَاث وَخمسين فشعر بذلك فَقبض على بَعضهم وهرب بَعضهم ثمَّ تقرر الصُّلْح بَين الْمعز والناصر على أَن يكون الشَّام جَمِيعه للناصر وديار مصر للمعز وحد مَا بَينهمَا بِئْر القَاضِي وَهُوَ مَا بَين الورادة والعريش بسفارة الشَّيْخ نجم الدّين الباذرائي وَتزَوج الْمعز بشجر الدّرّ سنة ثَلَاث وَخمسين ثمَّ بلغَهَا أَن الْمعز عزم على أَن يتَزَوَّج ابْنة بدر الدّين لُؤْلُؤ صَاحب الْموصل وَأَنه قد ترددت الرُّسُل بَينهمَا فَعظم ذَلِك عَلَيْهَا)
وَطلبت صفي الدّين إِبْرَاهِيم بن مَرْزُوق وَكَانَ لَهُ تقدم فِي الدول ووجاهة عِنْد الْمُلُوك فاستشارته فِي الفتك بالمعز ووعدته أَن يكون هُوَ الْوَزير فَأنْكر ذَلِك عَلَيْهَا ونهاها فَلم تصغ إِلَيْهِ وَطلبت مَمْلُوك الطواشي محسن الْجَوْجَرِيّ الصَّالِحِي وعرفته مَا عزمت عَلَيْهِ ووعدته وَعدا جميلاً إِن قَتله واتفقت مَعَ جمَاعَة من الخدم فَلَمَّا كَانَ يَوْم الثُّلَاثَاء الثَّالِث وَالْعِشْرين من ربيع الأول سنة خمس وَخمسين وسِتمِائَة لعب الْمعز بالكرة فِي ميدان اللوق وَصعد آخر النَّهَار إِلَى القلعة والأمراء فِي خدمته ووزيره شرف الدّين الفائزي وَالْقَاضِي بدر الدّين السنجاري فَلَمَّا دخل دَاره فَارقه الموكب وَدخل يستحم فِي الْحمام فَلَمَّا قلع ثِيَابه وثب عَلَيْهِ سنجر الْجَوْجَرِيّ والخدام ورموه إِلَى الأَرْض وخنقوه وَطلبت شجر الدّرّ صفي الدّين ابْن مَرْزُوق على لِسَان الْمعز فَركب حِمَاره وبادر وَكَانَت عَادَته ركُوب الْحمير فِي موكب السُّلْطَان فَدخل عَلَيْهَا فرآها وَهِي جالسة والمعز بَين يَديهَا ميت فخاف خوفًا شَدِيدا واستشارته فِيمَا تفعل فَقَالَ مَا أعرف وَكَانَ الْأَمِير جمال الدّين أيدغدي العزيزي معتقلاً فِي بعض الآدر مكرماً فأحضرته وَطلبت مِنْهُ أَن يقوم بِالْأَمر فَامْتنعَ وسيرت تِلْكَ اللَّيْلَة إِصْبَع الْمعز وخاتمه إِلَى الْأَمِير عز الدّين الْحلَبِي الْكَبِير وطلبته يقوم بِالْأَمر فَلم يَجْسُر وانطوت الْأَخْبَار عَن النَّاس تِلْكَ اللَّيْلَة وَلما كَانَ سحر الْأَرْبَعَاء ركب الْأُمَرَاء على عَادَتهم إِلَى القلعة وَلم يركب الفائزي وتحيرت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute