وَكَانَ كَذَلِك لقد مَاتَ وَمَا يحمل جنَازَته إِلَّا أَرْبَعَة نفر لَا يتبعهَا أحدا حَتَّى دفن بِالبَقِيعِ وَكَانَت وَفَاته بعد الْمِائَة وَالْخمسين تَقْرِيبًا وَكَانَ الْأَصْمَعِي يَقُول ختم الشّعْر بِابْن ميادة وَالْحكم الخضري وَابْن هرمة وطفيل الْكِنَانِي ومكين العذري
٣ - (الحصري)
إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن تَمِيم القيرواني الحصري الشَّاعِر الْمَشْهُور ذكره ابْن رَشِيق فِي كتاب الأنموذج وَحكى شَيْئا من أخباره وأحواله وَقَالَ كَانَ شُبَّان القيروان يَجْتَمعُونَ عِنْده وَيَأْخُذُونَ عَنهُ وَرَأس عِنْدهم وَشرف لديهم وسارت تأليفاته وانثالت عَلَيْهِ الصلات وَمن شعره
(أورد قلبِي الردى ... لَام عذار بدا)
(أسود كالكفر فِي ... أَبيض مثل الْهدى)
وَمن شعره
(إِنِّي أحبك حبا لَيْسَ يبلغهُ ... فهم وَلَا يَنْتَهِي وصفي إِلَى صفته)
(أقْصَى نِهَايَة علمي فِيهِ معرفتي ... بِالْعَجزِ مني عَن إِدْرَاك مَعْرفَته)
وَهُوَ ابْن خَالَة أبي الْحسن عليّ الحصريّ وَسَيَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَله من المصنفات كتاب زهر الْآدَاب وَهُوَ مَشْهُور من أُمَّهَات الْأَدَب صنفه بالقيروان وجميعه أَخْبَار أهل الْمشرق وَكَلَامهم ودقائقهم أَرَادَ بذلك الإعجاز وَاخْتَصَرَهُ فِي جُزْء لطيف سَمَّاهُ نور الظّرْف وَنور الطّرف وَكتاب المصون فِي سر الْهوى الْمكنون قَالَ بَان رَشِيق وَقد كَانَ أَخذ فِي عمل)
طَبَقَات الشُّعَرَاء على رتب الْأَسْنَان وَكنت أَصْغَر الْقَوْم سنا فصنعت
(رفقا أَبَا إِسْحَاق بالعالم ... حصلت فِي أضيق من خَاتم)
(لَو كَانَ فضل السَّبق مندوحة ... فضل إِبْلِيس على آدم)
فَلَمَّا بلغه البيتان أمسك عَنهُ وَاعْتذر مِنْهُ وَمَات وَقد سد عَلَيْهِ بَاب الفكرة فِيهِ وَلم يصنع شَيْئا توفّي سنة ثَلَاث عشرَة وَأَرْبع مائَة كَذَا ذكره الشَّيْخ شمس الدّين وَقَالَ ابْن خلكان قَالَ ابْن بسام بَلغنِي أَنه توفّي سنة ثَلَاث وَخمسين وَأَرْبع مائَة وَذكر القَاضِي الرشيد ابْن الزبير فِي كتاب الْجنان أَن الحصري ألف كتاب زهر الْآدَاب سنة خمسين وَأَرْبع مائَة وَهَذَا يدل على صِحَة مَا قَالَه ابْن بسام ثمَّ إِن الشَّيْخ شمس الدّين ذكر وَفَاة الْمَذْكُور فِي سنة ثَلَاث وَخمسين وَأَرْبع مائَة وَقَالَ ياقوت قَالَ ابْن رَشِيق مَاتَ بالمنصورة من القيروان سنة ثَلَاث عشرَة وَأَرْبع مائَة وَمن شعره أَيْضا
(يَا هَل بَكَيْت كَمَا بَكت ... ورق الحمائم فِي الغصون)