(أصخت إِلَيْهِ وَهُوَ أخرس صَامت ... فَحَدثني ليل السرى بالعجائب)
(وَقَالَ أَلا كم كنت ملْجأ قَاتل ... وموطن أَواه تبتل تائب)
(وَكم مر بِي من مُدْلِج ومؤوب ... وَقَالَ بظلي من مطي وراكب)
(وَلَا طم من نكب الرِّيَاح معاطفي ... وزاحم من خضر الْبحار جوانبي)
(فَمَا كَانَ إِلَّا أَن طوتهم يَد الردى ... وطارت بهم ريح النَّوَى والنوائب)
(فَمَا خَفق أيكي غير رَجْفَة أضلع ... وَلَا نوح ورقي غير صرخة نادب)
وَقَالَ يصف خيريّةً
(وخِيريّةٍ بَين النسيم وَبَينهَا ... حَدِيث إِذا جن الظلام يطيب)
(لَهَا نفس يسري مَعَ اللَّيْل عاطر ... كَأَن لَهُ سرا هُنَاكَ يريب)
(يهب مَعَ الإمساء حَتَّى كَأَنَّمَا ... لَهُ خلف أَسْتَار الظلام حبيب)
وَمِنْه قَوْله يصف لَيْلًا وَمَا اشْتَمَل عَلَيْهِ
(وليل تقلدنا البوارق تَحْتَهُ ... سيوفاً لَهَا بيض النُّجُوم قبائع)
)
(وَقد محت الْأَشْخَاص فِيهِ يَد الدجا ... فَمَا تعرف الأقوام إِلَّا اللوامع)
(على حِين تسري وَالسُّيُوف كمائن ... وَلَا غير إِذْ إِن الْجِيَاد طلائع)
وَمِنْه قَوْله
(بهواك أَو بلماك لَيْلَة منعج ... والدهر يهجع والنوى لَا تفجع)
(أفهل ترى الْأَيَّام عهدا باللوى ... لَا الْحلم يزجرني وَلَا أَنا أسمع)
(أم هَل يغيرك من عناقٍ لَيْلَة ... لَا الْحلم يزجرني وَلَا أَنا أسمع)
قلت أَظُنهُ عَارض بِهَذَا قَول أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن عبد الله الأعيمي التطيلي وَهُوَ
(بحياة عصياني عَلَيْك عواذلي ... إِن كَانَت القربات عنْدك تَنْفَع)
(هَل تذكرين لياليا بتنا بهَا ... لَا أَنْت باخلة وَلَا أَنا أقنع)
٣ - (الْبَنْدَنِيجِيّ الْكَاتِب)
إِبْرَاهِيم بن الْفرج الْبَنْدَنِيجِيّ الْكَاتِب كَانَ فِي أَيَّام الواثق وَبَقِي إِلَى أَيَّام الْمُعْتَمد وَهُوَ الْقَائِل فِي غُلَام التحى
(مَا زلت تمطلنا بوعدك ... حَتَّى أَتَاك كتاب عزلك)
(فَانْظُر إِلَى منشوره ... فِي الخد يخبرنا بذلك)