وَلما تجرك الْملك النَّاصِر للحضور من الكرك ثَانِي مرّة جرده الأفرم هُوَ والحاد بهادر لمَنعه من الْحُضُور فراسلاه حَتَّى أَتَيَاهُ وحضرا بِهِ وَجعله أستاذ دَار وَكَانَ هُوَ الْقَائِم بالدولة وَقدم للسُّلْطَان بِدِمَشْق تقدمة تجل عَن التَّقْوِيم
ثمَّ كَانَ السُّلْطَان لَا يخلع وَلَا ينْفق إِلَّا من خزانته مُدَّة مقَامه بِدِمَشْق فِي تِلْكَ الْأَيَّام وسفره إِلَى أَن دخل مصر
فَأَقَامَ على وظيفته مديدة ثمَّ أخرج إِلَى نِيَابَة صفد فَأَقَامَ بهَا غير كثير ثمَّ أمسك مها وَحبس بقلعة الكرك ثمَّ كَانَ آخر الْعَهْد بِهِ
وَكَانَ يعاني زِيّ أُمَرَاء الْمغل فِي لبس الكنبك والطرز بَين كَتفيهِ وركوب الأكاديش غَالِبا
وَكَانَ أسمر شَدِيد السمرَة بطيناً حسن الصُّورَة يكْتب خطا جيدا ولع إِلْمَام بِبَعْض عَرَبِيَّة وَفقه وَحَدِيث وَعِنْده تندير ودلع على سَبِيل اللّعب وَله شعر مِنْهُ مَا عمله فِي مجْلِس الأفرم فِي سَاق كَانَ يسقيهم القمز وَقد غنى بِشعر لِابْنِ الْوَكِيل
(أَمِير الْحسن ساقينا ... يغنينا فيغنينا)
(فيا لله مَا أحلى ... إشارات المحبينا)
فَأمر الأفرم ابْن الْوَكِيل فذيلها بِأَبْيَات ثمَّ أَمر بهَا فلحنت وغنى عَامَّة يَوْمه بهَا
[قطلوتمر الخليلي]
قطلوتمر الْأَمِير سيف الدّين الخليلي ولاه الْأَمِير سيف الدّين طقزتمر نَائِب دمشق الحجوبية وَكَانَ حاجباً صَغِيرا وَعمر الدَّار الَّتِي فِي العقيبة قبالة سوق الْخَيل والمئذنة وَالْمَسْجِد
وَله الدَّار الَّتِي فِي القصاعين وَبَقِي على ذَلِك إِلَى ان حضر الْأَمِير حسام الدّين طرنطاي البجمقدار من الْقَاهِرَة مُتَوَجها إِلَى حمص نَائِبا أول دولة الْكَامِل شعْبَان فَلَمَّا وصل إِلَى القسطل حضر الْبَرِيد من مصر برده وَأَن يتَوَجَّه الخليلي الْمَذْكُور بدله إِلَى حمص نَائِبا فَتوجه غليها وَأقَام بهَا قَرِيبا من شهر وَتُوفِّي فِي أَوَاخِر جُمَادَى الْآخِرَة سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة
٣ - (سيف الدّين الجمدار)
قطليجا الْأَمِير سيف الدّين الْحَمَوِيّ الناصري الجمدار توفّي الْملك النَّاصِر مُحَمَّد وَهُوَ أَمِير عشرَة وَكَانَ جمداراً لَهُ
وَهُوَ حسن الْوَجْه أَبيض تعلوه حمرَة حسن الثغر إِلَى الْغَايَة
رسم لَهُ بنيابة حماة بَعْدَمَا حضر إِلَى دمشق فِي جملَة أمرائها وَأقَام بهَا مُدَّة لَطِيفَة فِي أَيَّام الْكَامِل شعْبَان
ثمَّ لما ولي المظفر حاجي وَنقل أسندمر نَائِب حماة إِلَى طرابلس طلب قطليجا الْمَذْكُور إِلَى مصر ورسم لَهُ بنيابة حماة فضر إِلَيْهَا وَأقَام