للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ورباه وَبَاعه بِأَلف دِينَار فَلَمَّا صَار أَمِيرا وأقطعوه الْإسْكَنْدَريَّة طلب من الْملك النَّاصِر إِطْلَاق أستاذه الْمَذْكُور وَكَانَ مَحْبُوسًا بحمص فَأَطْلقهُ وأرسله إِلَيْهِ فَبَالغ فِي إكرامه وخلع عَلَيْهِ وَبَعثه إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة وَأَعْطَاهُ ألقِي دِينَار قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين كَانَ طائشاً عَاملا على السلطنة وانضاف إِلَيْهِ البحرية كالرشيدي وبيبرس البندقداري قبل أَن يتسلطن وَسَار مرَّتَيْنِ إِلَى الصَّعِيد وعسف وَقتل وتجبر وَكَانَ يركب فِي دستٍ يضاهي دست السلطنة وَلَا يلْتَفت على الْملك الْمعز بل يدْخل الخزائن يَأْخُذ مَا يخْتَار ثمَّ إِنَّه تزوج بابنة صَاحب حماة وَبعثت الْعَرُوس فِي تجمل زَائِد فَطلب من الْمعز القلعة ليسكن فِيهَا وصمم عَلَيْهِ فَقَالَ شَجَرَة الدّرّ لزَوجهَا الْمعز هَذَا نحس وتعاملا على قَتله قَالَ شمس الدّين الْجَزرِي حَدثنِي عز الدّين أَبِيك أحد مماليك الْفَارِس قَالَ طلع أستاذنا إِلَى القلعة على عَادَته ليَأْخُذ أَمْوَالًا للبحرية فَقَالَ لَهُ الْمعز مَا بَقِي فِي الخزائن شَيْء فَامْضِ بِنَا إِلَيْهَا لنعرضها وَكَانَ قد رتب لَهُ فِي طَرِيق الخزانة مَمْلُوكه قطز الَّذِي تسلطن وَمَعَهُ عشرَة مماليك فِي مضيق فَخرج عَلَيْهِ وقتلوه وأغلقت القلعة فركبت البحرية ومماليكه وَكَانُوا نَحْو سَبْعمِائة فَارس وقصدوا القلعة فَرمي رَأسه إِلَيْهِم فَهَرَبُوا وَذهب طَائِفَة مِنْهُم إِلَى الشَّام وَكَانَ قَتله فِي شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وسِتمِائَة

٣ - (الأتابك فَارس الدّين المستعرب)

أقطاي بن عبد الله الْأَمِير الأتابك فَارس الدّين المستعرب الصَّالِحِي النجمي كَانَ مَمْلُوكا لنجم الدّين مُحَمَّد بن يمن ثمَّ انْتقل إِلَى الْملك الصَّالح نجم الدّين أَيُّوب وَأمره ثمَّ ترقى بعد وَفَاته إِلَى أَن عد فِي الْأَعْيَان وَرفع المظفر رتبته وَجعله أتابك الْجَيْش وَكَانَ لَا يضاهيه أحد فِي الدولة وَلَا يُعَارضهُ فِيمَا يفعل ثمَّ لما قتل الْملك المظفر تشوق إِلَى السلطنة أكَابِر الْأُمَرَاء فَقدم الْأَمِير فَارس الدّين ركن الدّين بيبرس وسلطنة وَحلف لَهُ فِي الْوَقْت فَلم يسع بَقِيَّة الْأُمَرَاء إِلَّا مُوَافَقَته)

فتم أمره وَرَأى لَهُ ذَلِك وَاسْتمرّ على حَاله على علو الْمنزلَة ونفاذ الْأَمر وَكَثْرَة الإقطاع والرواتب وَبَقِي على ذَلِك مُدَّة سِنِين لَكِن الْملك الظَّاهِر بَقِي يخْتَار الرَّاحَة مِنْهُ فِي الْبَاطِن وَلَا يَسعهُ ذَلِك لعدم وجود من يقوم مقَامه فَإِنَّهُ كَانَ من رجالات الدَّهْر حزماً وعزماً ورأياً وتدبيراً وخبرةً وَمَعْرِفَة ورياسةً ومهابةً فلمات أنشأ الْملك الظَّاهِر الْأَمِير بدر الدّين بيليك الخزندار أمره بملازمته والاقتباس مِنْهُ والتخلق بأخلاقه فلازمه مُدَّة فَلَمَّا علم الظَّاهِر مِنْهُ الِاسْتِقْلَال بذلك جعله مشاركاً فِي أَمر الْجَيْش وَقطع الرَّوَاتِب الَّتِي كَانَت لأقطاي ونقصه من إقطاعه فانجمع وَتبع رَأْي السُّلْطَان وَادّعى أَن بِهِ طرف جذام وَطلب الِانْقِطَاع ليتداوى وَلم يكن بِهِ شَيْء وَحصل لَهُ من الْغبن مَا لَا أبقى عَلَيْهِ دون السّنة حَتَّى مَاتَ غبناً سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وسِتمِائَة وَقد نَيف على السّبْعين وعاده قبل مَوته الْملك الظَّاهِر فَبكى بَين يَدَيْهِ حَتَّى بَكَى لبكائه لما مت بخدمه وتلطف فِي عتابه

<<  <  ج: ص:  >  >>