(تطوي بأوتارها الهموم كَمَا ... تطوي دجى اللَّيْل بالمصابيح)
(ثمَّ تغنت فخلتها سمحت ... بروحها خلعةً على روحي)
كَانَ أَبُو النجيب شَدَّاد بن إِبْرَاهِيم الْجَزرِي الشَّاعِر الملقب بالطاهر كثير الْمُلَازمَة للوزير المهلبي فاتفق أَن غسل ثِيَابه وأنفذ يَدعُوهُ فَاعْتَذر إِلَيْهِ فَلم يقبله وألح فِي استدعائه فَكتب إِلَيْهِ من السَّرِيع
(عَبدك تَحت الْحَبل عُرْيَان ... كَأَنَّهُ لَا كَانَ شَيْطَان)
(يغسل أثواباً كَأَن البلى ... فِيهَا خليطٌ وَهِي أوطان)
)
(أرق من ديني وَإِن كَانَ لي ... دينٌ كَمَا للنَّاس أَدْيَان)
(كَأَنَّهَا حَالي من قبل أَن ... يصبح عِنْدِي لَك إِحْسَان)
(يَقُول من يبصرني معرضاُ ... فِيهَا وللأقوال برهَان)
(هَذَا الَّذِي قد نسجت فَوْقه ... عناكب الْحِيطَان إِنْسَان)
فأنفذ إِلَيْهِ جُبَّة وقميصاً وعمامةً وَسَرَاويل وَخَمْسمِائة دِرْهَم وَقَالَ أنفذت إِلَيْك مَا تلبسه وَلَا تَدْفَعهُ إِلَى الْخياط فَإِن كنت غسلت التكة واللالكة عرفني لأنفذ لَك عوضهما
وَمن شعر الْوَزير من الطَّوِيل
(تصارمت الأجفان لما صرمتني ... فَمَا تلتقي إِلَّا على عِبْرَة تجْرِي)
قلت شعر جيد إِلَى الْغَايَة
وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وثلاثمائة فِي طَرِيق وَاسِط وَحمل إِلَى بَغْدَاد وَطول ياقوت تَرْجَمته وَأورد جملَة من أخباره وشعره
٣ - (ابْن جدا الهيتي)
الْحسن بن مُحَمَّد بن عبد المحسن بن أَحْمد بن عبد الْوَارِث بن الطّيب بن جدا بِكَسْر الْجِيم وَتَشْديد الدَّال الْمُهْملَة وَبعدهَا ألف كَذَا وجدته مضبوطاً أَبُو عَليّ بن أبي سعد الشَّاعِر من أهل هيت قدم بَغْدَاد مراتٍ وروى بهَا شَيْئا من شعره وَتُوفِّي سنة تسع وَسبعين وَخَمْسمِائة
وَمن شعره من الطَّوِيل
(أرى عزماتي نَحْو أرضٍ بعيدَة ... وَلَا بُد من أَن أجعَل الْبعد لي قربا)
(فإمَّا أنال الْخَيْر فِي ذَاك عَاجلا ... فأنظره بِالْعينِ أَو أسكن التربا)
وَمِنْه من الْكَامِل
(وَجَمِيع من فِيهِ ذكاً وكياسةٌ ... صرف الزَّمَان موكلٌ بعناده)
(ويسوؤه الدَّهْر الخؤون بِفِعْلِهِ ... ومجاري الأفلاك ضد مُرَاده)