عبد الْملك بن مَرْوَان ملك الأندلس)
ولي الْأَمر بعد وَالِده وامتدت أَيَّامه وَأقَام فِي الْأَمر بعد سبعا وَعشْرين سنة وشهراً ولقَّب نَفسه بالرَّبضي وَكَانَ فَارِسًا شجاعاً فاتكاً جباراً ذَا حزمٍ ودهاء كَانَ يمسك أَوْلَاد النَّاس الملاح فيخصيهم ويمسكهم لنَفسِهِ وَتُوفِّي سنة سِتّ وَمِائَتَيْنِ وَهُوَ ابْن خمسين سنة وَدفن فِي الْقصر وَصلى عَلَيْهِ ابْنه عبد الرَّحْمَن وَقيل كَانَ عمره يَوْم مَاتَ اثْنَتَيْنِ وَخمسين سنة وَله شعر
وَقَامَ بعده وَلَده أَبُو المطرِّف عبد الرَّحْمَن وَمن شعره من الْبَسِيط
(قضبٌ من البان ماست فَوق كُثْبَان ... ولَّين عني وَقد أزمعن هجراني)
(ملكنني ملكاًذلَّت عَزَائِمه ... للحبِّ ذلَّ أسيرٍ موثقٍ عان)
(من لي بمغتصبات الرّوح من بدني ... يغصبنني فِي الْهوى عزِّي وسلطاني)
وَكَانَ لَهُ ألفا فرس مرتبطة على شاطىء النَّهر بقبليِّ قصره يجمعها داران وَكَانَ يعرف بالرَّبضيّ لِأَنَّهُ قتل أهل الربض القبليِّ وَهُوَ من جَانب شقندة فِي العدوة الْأُخْرَى من قرطبة وَرَاء الْوَادي وَهدم دِيَارهمْ وحرثها فَأَصْبَحت فدادين بعد حَرْب عَظِيمَة وَظهر فِي ذَلِك بشجاعة وبسالة وَكَانَ الحكم قد تظاهر فِي صدر ولَايَته بالخمور وَالْفِسْق فَقَامَتْ الْفُقَهَاء والكبار وخلعوه سنة تسعٍ وَثَمَانِينَ ثمَّ أعادوه لما تنصَّل وَتَابَ فَقتل طَائِفَة من الْكِبَار وصلبهم بأزاء قصره قيل بلغُوا سبعين نفسا وَكَانَ يَوْمًا فظيعاً فمقتته الْقُلُوب وأضمروا لَهُ السوء وأسمعوه الْكَلَام المرّ فتحصّن واستعد وَجَرت لَهُ أُمُور يطول شرحها قَالَ أَبُو مُحَمَّد بن حزمٍ كَانَ من المجاهرين بِالْمَعَاصِي سفَّاكاً للدماء وَقَالَ من الطَّوِيل
(رَأَيْت صدوع الأَرْض بالسِّيف راقعاً ... وقدماً لأمت الشِّعب مذ كنت يافعا)
(فسائل ثغوري هَل بهَا الْيَوْم ثغرةٌ ... أبادرها منتضي السِّيف دارعا)
(وشافه على الأَرْض الفضاء جماجماً ... كأقحاف منثور الهبيد لوامعا)
(تنبيك أَنِّي لم أكن فِي قراعهم ... بوانٍ وقدماً كنت بالسِّيف قارعا)
(وَهل زِدْت أَن وفَّيتهم صَاع قرضهم ... فوافوا منابا قدِّرت ومصارعا)
(فهاك سلاحي إِنَّنِي قد تركتهَا ... مهاداً وَلم أترك عَلَيْهَا منازعا)
٣ - (الْمُسْتَنْصر بِاللَّه الأمويّ)
الحكم بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن