أَتَمَنَّى أَن أكون أَمِيرا فَجعله أَمِيرا يجلس مَعَ الْأُمَرَاء ويخاطب بالأمير وقربه وَصَارَ يحضر مَجْلِسه فِي زمرة الْأُمَرَاء ثمَّ وهبه أَيْضا مَكَانا بحلب قبلي حمام الواساني فعمرها دَارا وزخرفها وعرضها وتمم بنيانها وكمل حَالهَا وَنقش على دائر الدرابزين من السَّرِيع
(دارٌ بنيناها وعشنا بهَا ... فِي دعةٍ من آل مرداس)
(قومٌ محوا بؤسي وَلم يتْركُوا ... عَليّ فِي الْأَيَّام من باس)
(قل لبني الدُّنْيَا أَلا هَكَذَا ... فَلْيفْعَل النَّاس مَعَ النَّاس)
وَلما تَكَامل عمل الدَّار عمل دَعْوَة وأحضر إِلَيْهَا نصر بن صَالح فَلَمَّا أكل الطَّعَام وَرَأى حسن بِنَاء الدَّار ونقوشها وَقَرَأَ الأبيات قَالَ يَا أَمِير كم خسرت على بِنَاء الدَّار فَقَالَ يَا مَوْلَانَا مَا لي علم بل هَذَا الرجل تولى عمارتها فَسَأَلَ ذَلِك المعمار فَقَالَ غرم عَلَيْهَا ألفي دينارٍ مصرية فأحضر لَهُ من سَاعَته ألفي دِينَار مصرية وثوب أطلسٍ وعمامةً مذهبَة وحصاناً بطوق ذهب وسحب ذهب وسرفسار ذهب وَقَالَ لَهُ من السَّرِيع
(قل لبني الدُّنْيَا أَلا هَكَذَا ... فَلْيفْعَل النَّاس مَعَ النَّاس)
وَبعد أَيَّام حضر رجلٌ من أهل المعرة ينبز بالزقوم كَانَ من أراذلها وَفِيه رجلة فَطلب خبز جندي فَأعْطِي ذَلِك وَجعل من أجناد المعرة فَلَمَّا وصل نظم أَحْمد بن مُحَمَّد الدويدة المعري من الْكَامِل)
(أهل المعرة تَحت أقبح خطة ... وبهم أَنَاخَ الْخطب وَهُوَ جسيم)
(لم يَكفهمْ تأمير ابْن حصينةٍ ... حَتَّى تجند بعده الزقوم)
(يَا قوم قد سئمت لذاك نفوسنا ... يَا قوم أَيْن التّرْك أَيْن الرّوم)
فاشتهرت الأبيات بالمعرة وحلب فَسَمعَهَا الْأَمِير أَبُو الْفَتْح فَعبر على بَاب ابْن الدويدة وَسلم عَلَيْهِ وَقَالَ لَهُ وَيلك يَا ابْن الدويدة هجوتني وَالله مَا بِي من هجوي مثل مَا بِي كونك قرنتني إِلَى الزقوم فَضَحِك ابْن الدويدة وَقَالَ الْآن وَالله كَانَ عِنْدِي الزقوم وَقَالَ وَالله مَا بِي من الهجو مَا بِي من كونك قرنتني بِابْن أبي حَصِينَة فَقَالَ لَهُ قبحك الله وَهَذَا هجو ثانٍ
وَهَذَا الْأَمِير أَبُو الْفَتْح شَاعِر وَولده الْأَمِير أَبُو الذواد المفرج بن الْحسن شاعرٌ أَيْضا وَسَيَأْتِي ذكره فِي حرف الْمِيم فِي مَكَانَهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى
٣ - (النَّخعِيّ)
الْحسن بن عبد الله النَّخعِيّ وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ وروى لَهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة وَتُوفِّي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَمِائَة