بغا التركي الصَّغِير الْمَعْرُوف بالشرابي الْأَمِير من كبار قواد المتَوَكل وَهُوَ أحد من دخل عَلَيْهِ وفتك بِهِ وَغلب على المستعين هُوَ ووصيف حَتَّى قَالَ الشَّاعِر فِي ذَلِك
(خليفةٌ فِي قفصٍ ... بَين وصيفِ وبُغا)
(يَقُول مَا قَالَا لَهُ ... كَمَا تَقول الببغا)
وَخرج بغا على المعتز وَنهب من الخزائن مِائَتي ألف دِينَار وَسَار إِلَى السن عَازِمًا على الشَّرّ فَاخْتلف عَلَيْهِ أَصْحَابه فَكتب يطْلب أَمَانًا وفارقه عسكره فانحدر فِي زورق فَأَخَذته المغاربة فَقتله الْوَلِيد وَنصب رَأسه بِبَغْدَاد وَأعْطِي قَاتله عشرَة آلَاف دِينَار وَكَانَ ذَلِك فِي سنة أَربع وَخمسين وَمِائَتَيْنِ نقل الروَاة أَن بغا الصَّغِير لما عزم على قتل المتَوَكل بتدبير ابْنه الْمُنْتَصر دَعَا بباغر التركي الْمُقدم ذكره بَعْدَمَا مَلأ عينه بالصلات وَقَالَ لَهُ أَنْت تعلم تقديمي لَك ومكانك عِنْدِي وَأُرِيد أَن أسر إِلَيْك شَيْئا قَالَ قل مَا شِئْت قَالَ إِن ابْني قد فسد عَليّ وَصَحَّ عِنْدِي أَنه يُرِيد سفك دمي وَأُرِيد إِذا دخل عَليّ غَدا وَأَنت حَاضر إِذا وضعت قلنسوتي عَن رَأْسِي إِلَى الأَرْض أَن تقتله قَالَ نعم فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ من الْغَد لم ينْزع القلنسوة فَظن باغر أَنه نسي فغمزه بحاجبه فَلم ير الْعَلامَة وَانْصَرف ابْنه فَقَالَ بغا يَا باغر إِنِّي فَكرت فِي أَنه حدث وَولد وَأُرِيد أَن استصلحه ثمَّ أمسك عَنهُ مديدة وَقَالَ لَهُ إِن أخي قد فسد عَليّ)