قَامَ ذَلِك الْفَقِير وَدَار واستمع وصرخ وَوَقع فحركوه فوجدوه مَيتا فوصل خَبره إِلَى شَيْخه ذِي النُّون فَقَالَ لأَصْحَابه تجهزوا حَتَّى نمشي إِلَى بَغْدَاد فَلَمَّا فرغوا من أشغالهم خَرجُوا إِلَيْهَا فقدموا عَلَيْهَا وَسَاعَة قدومهم الْبَلَد قَالَ ائْتُونِي بذلك الْمُغنِي فأحضروه إِلَيْهِ فأله عَن قصَّته مَعَ ذَلِك الْفَقِير فَقص عَلَيْهِ قصَّته فَقَالَ لَهُ أنْشد ذَلِك الشّعْر وَشرع هُوَ وجماعته فِي الْغناء بذلك الشّعْر فَلَمَّا ذكر الْبَيْت فَعِنْدَ ابْتِدَائه صرخَ الشَّيْخ على ذَلِك الْمُغنِي فَوَقع مَيتا فَقَالَ الشَّيْخ قَتِيل بقتيل أَخذنَا ثأر صاحبنا ثمَّ أَخذ فِي التجهز وَالرُّجُوع إِلَى الديار المصرية وَلم يلبث بِبَغْدَاد وَعَاد)
من فوره
وَتُوفِّي ذُو النُّون فِي ذِي الْقعدَة سنة خمس وَأَرْبَعين وَقيل سنة سِتّ وَقيل سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ رَحمَه الله وَدفن فِي القرافة الصُّغْرَى وعَلى قَبره مشْهد وَفِي المشهد قُبُور جمَاعَة من الصلحاء
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ روى أَحَادِيث عَن مَالك فِيهَا نظر
وَكَانَ واعظاً فصيحاً وَكَانَ أهل ناحيته يسمونه الزنديق فَلَمَّا مَاتَ أظلت الطير جنَازَته
فاحترموا بعد ذَلِك قَبره وَله تَرْجَمَة طَوِيلَة فِي تَارِيخ دمشق
٣ - (العثماني)
ثَوْبَان القَاضِي العثماني اليمني لَهُ أمداح فِي عَليّ بن مُحَمَّد الصليحي
أورد لَهُ الْعِمَاد الْكَاتِب من الرمل
(إِن من يعرف أَيَّام الصِّبَا ... صد إِذْ أبْصر شيبي وصبا)
(وَالَّتِي تعرف مهري أدهماً ... أنكرته إِذْ رَأَتْهُ أشهبا)
(اخوتي هبوا فقد هبت لنا ... نَغمَة الطير وأنفاس الصِّبَا)
(فاصرفوا الْهم إِذا مَا ضامكم ... وخذوا من عيشنا مَا ذَهَبا)
(ضم شَمل الود منا مجْلِس ... ترقص الْأَركان فِيهِ طَربا)
(كل سمح الْكَفّ لَو تسأله ... كل مَا يملك جوداً وهبا)
مِنْهَا
(رب شَمْطَاء نزلناها وَقد ... ركب اللَّيْل وأرخى الطنبا)
(قَالَت الطراق من قلت أَنا ... وأصيحابي فَقَالَت مرْحَبًا)
(ثمَّ أومت نَحْو مِصْبَاح لَهَا ... كَاد يخبو سحرًا أَو قد كبا)
(دفعت فِي الصحن دنٍ خلت فِي ... جنبات الْبَيْت مِنْهُ لهبا)
(فسقوني مِنْهُ حَتَّى صرت من ... سكرتي أَحسب مهري أرنبا)