٣ - (ابْن أبي الْخَوْف)
أَحْمد بن مُحَمَّد ابْن أبي بكر ابْن عماد الدّين أبي الْحرم مكي بن مُسلم ابْن أبي الْخَوْف الْمَعْرُوف بعوكل شهَاب الدّين كَانَ لَهُ مطالعات كَثِيرَة فِي كتب الْأَدَب ويحفظ شعرًا كثيرا للْمُتَقَدِّمين والمتأخرين أَكثر وَيعرف سرقات غَالب الشُّعَرَاء لَا سِيمَا شعراء الْمُتَأَخِّرين وَأهل الْعَصْر وَكَانَ لَا اشْتِغَال لَهُ غير المطالعة وَكَانَ جيد النَّقْد للشعر وَالِاخْتِيَار وَكتب مجاميع كَثِيرَة من شعر الْمُتَأَخِّرين وينظم المقاطيع الجيدة وَله وقف يحصل مِنْهُ فِي الصَّيف مَا يكون لَهُ مُؤنَة فِي الشتَاء فَيتَوَجَّه إِلَى الديار المصرية فِي الشتَاء ويحضر إِلَى دمشق فِي الصَّيف وَكَانَ متمزقاً إِلَى الْغَايَة وَتُوفِّي رَحمَه الله فِي مستهل شهر رَجَب الْفَرد سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة فِي طاعون دمشق وَله من الْعُمر أَرْبَعُونَ سنة تَقْرِيبًا أَنْشدني من لَفظه لنَفسِهِ)
نَاظر الْجَامِع الْكَبِير ظلوم إِذا قدر
(ابله ربّ بالعمى ... وأرحه من النّظر)
وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ أَيْضا
(قلت لَهُ إِذْ بدا وطلعته ... قد أشرقت فَوق قامةٍ تامه)
(هَب لي مناماً فَقَالَ كَيفَ وَقد ... رَأَيْت شمس الضُّحَى على قامه)
قلت هُوَ مَأْخُوذ من قَول شمس الدّين مُحَمَّد بن التلمساني
(بدا وَجهه من فَوق أسمر قدّه ... وَقد لَاحَ من سود الذوائب فِي جنح)
(فَقلت عَجِيب كَيفَ لم يذهب الدجى ... وَقد طلعت شمس النَّهَار على رمح)
وَمن شعره فِي ابْن العايق الطّباخ
(قد غلب العايق فِي قَوْله ... لمّا أَتَى الطَّاعُون بالحادث)
(قمحيّتي تقتل فِي يَوْمهَا ... وَذَاكَ فِي يَوْمَيْنِ وَالثَّالِث)
وَكتب إلّي وَنحن بِالْقَاهِرَةِ
(أيا فَاضلا سَاد الورى بفضائلٍ ... تناهت فَمَا أضحى لهنَّ عديل)
(تقمّصت ثوب الْعلم والحلم والندى ... فَأَنت صَلَاح للورى وخليل)
(وَلست خَلِيلًا بل خليجاً لواردٍ ... غَلطت فسامحني فنيلك نيل)
فَكتبت أَنا جَوَابه
(أيا ابْن أبي الْخَوْف الَّذِي أمنت بِهِ ... طرائق نظمٍ واستبان دَلِيل)
(لقد فتّ غايات الأولى سبقوا إِلَى ... نهايات فضلٍ مَا إِلَيْهِ سَبِيل)