قَالَ لكَاتبه اقْطَعْ من رَأس هَذَا الطومار قدر الرَّاحَة ثمَّ قَالَ اكْتُبْ إِلَى مَرْوَان جَوَابه الطَّوِيل
(محا السَّيْف أسطار البلاغة وانتحت ... عَلَيْك صُدُور الْخَيل من كل جَانب)
وَسلم الْجَواب إِلَى الرَّسُول ثمَّ أَمر بالطومار فَوضع فِي النَّار وَلم يقرأه وَلَا فضه وَقيل لعبد الحميد مَا الَّذِي مكنك من البلاغة وخرجك فِيهَا قَالَ كَلَام الأصلع يَعْنِي عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ)
وَأهْدى عَامل لمروان غُلَاما أسود فَقَالَ لعبد الحميد اكْتُبْ إِلَيْهِ واذممه وَاخْتصرَ فَكتب لَو وجدت لوناً شرا من السوَاد وعدداً أقل من الْوَاحِد لأهديته وَعبد الحميد أول من أَطَالَ الرسائل وَاسْتعْمل التحميدات فِي فُصُول الْكتب وَقيل إِنَّه قتل مَعَ مَرْوَان على بوصير سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة وَقيل أَنه استخفى لما قتل مَرْوَان وَكَانَ بالجزيرة فغمز عَلَيْهِ فَدفعهُ السفاح إِلَى عبد الْجَبَّار بن عبد الرَّحْمَن صَاحب شرطته فَكَانَ يحمي لَهُ طستاً ويضعه على رَأسه إِلَى أَن مَاتَ سنة أَربع وَثَلَاثِينَ
وَكَانَ يَعْقُوب بن دَاوُد وَزِير الْمهْدي كَاتبا بَين يَدي عبد الحميد وَعَلِيهِ تحرج وَكَانَ إِسْمَاعِيل بن عبد الحميد من الْكتاب الماهرين ورسالته أَعنِي عبد الحميد إِلَى الْكتاب مَشْهُورَة وَهِي الَّتِي أَولهَا أما بعد حفظكم الله يَا أهل هَذِه الصِّنَاعَة وَمن شعر عبد الحميد المتقارب
(ترحل مَا لَيْسَ بالقافل ... وأعقب مَا لَيْسَ بالآفل)
(فلهفي من الْخلف النَّازِل ... ولهفي من السّلف الراحل)
(وأبكي على ذَا وأبكي لذا ... بكاء المولهة الثاكل)
(تبْكي من ابْن لَهَا قَاطع ... وتبكي على ابْن لَهَا وَاصل)
وَكَانَ الْمَنْصُور كثيرا مَا يَقُول بعد إفضاء الْأَمر إِلَيْهِم غلبنا بَنو مَرْوَان بِثَلَاثَة أَشْيَاء بالحجاج وَعبد الحميد الْكَاتِب وبالمؤذن البعلبكي
(عبد الْخَالِق)
٣ - (أَبُو مُحَمَّد الْحَنَفِيّ)
عبد الْخَالِق بن أَسد بن ثَابت أَبُو مُحَمَّد الْفَقِيه الدِّمَشْقِي تفقه على الْبَلْخِي وَسمع الْكثير من عبد الْكَرِيم بن حَمْزَة الْحداد وَأبي الْحسن عَليّ بن الْمُسلم وطاهر بن سهل الاسفراييني وَغَيرهم ورحل فِي طلب الحَدِيث وَحدث بِهِ وَكَانَ فَاضلا أديباً شَاعِرًا وَكَانَ يدرس بِالْمَدْرَسَةِ الصادرية بِبَاب الْبَرِيد فِي دمشق وَتُوفِّي سنة أَربع