الْكَلِمَة حَشْوًا وَأَشْيَاء ذكرتها فِي قولي تذنيبٌ فِي مُقَدّمَة هَذَا الْكتاب فأغنت عَن الْإِعَادَة هُنَا
٣ - (جَوَنقا الْكَاتِب)
عَليّ بن الْهَيْثَم الْأَنْبَارِي وَالْحسن الْكَاتِب الْمَعْرُوف بجونقا بجيم وواو بعْدهَا نون وقاف وَألف كَانَ فِي ديوَان الْمَأْمُون وَمن بعده من الْخُلَفَاء وَكَانَ فَاضلا كثير التقعير فِي كَلَامه يسْتَعْمل العويص من اللُّغَة فِي محاوراته حتَّى إنَّ الْمَأْمُون قَالَ أَنا أتكلَّم مَعَ النَّاس أَجْمَعِينَ على سجيَّتي إلَاّ عليّ بن الْهَيْثَم فإنَّي أتحفَّظ إِذا كلَّمته لأنَّه يغرق فِي الإغراب
وَدخل يَوْمًا جونقا إِلَى سوق الدَّوَابّ فَلَقِيَهُ نخَّاسٌ فَقَالَ هَل من حَاجَة قَالَ نعم الْحَاجة أناختنا بعَقْوتك أردْت فرسا قد انْتهى صَدره وتقلقلت عروقه يُشِير بأذنيه ويتعاهدني بِطرف عَيْنَيْهِ ويتشرّف بِرَأْسِهِ ويعقد عُنُقه ويخطر بِذَنبِهِ ويناقل برجليه حسن الْقَمِيص جيّد الفصوص وثيق الْقصب تامّ العصب كأنَّه موج لُجَّة أَو سيلُ حَدور فَأَجَابَهُ النخَّاس بِجَوَاب نزَّهت هَذَا الْكتاب عَنهُ
وَقَالَ الْمَأْمُون يَوْمًا ببابي رجلَانِ أَحدهمَا أُرِيد أَن أَضَعهُ وَهُوَ يرفع نَفسه وَهُوَ عَليّ بن الْهَيْثَم وَالْآخر أُرِيد أَن أرفعه وَهُوَ يضع نَفسه وَهُوَ الْفضل بن جَعْفَر بن يحيى بن الْبَرْمَكِي
وَدخل جونقا يَوْمًا على الْمَأْمُون وَعِنْده أَحْمد بن الْجُنَيْد الإسكافي وَجَمَاعَة من الخاصَّة فَقَالَ الْمَأْمُون يَا عدوَّ الله يَا فَاسق يَا لصّ يَا خَبِيث سرقتَ الْأَمْوَال وانتهبتها وَالله لأفرقنَّ بَين لحمك ودمك وعظمك ولأفعلنَّ وَلَأَفْعَلَن ثمَّ سكن غَضَبه قَلِيلا فَقَالَ أَحْمد بن الْجُنَيْد نعم وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إنَّه وإنَّه لم يدع شَيْئا من الْمَكْرُوه إلَاّ قَالَه فِيهِ فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُون يَا أَحْمد وَمَتى اجترأت عليَّ بِهَذِهِ الجرأة رَأَيْتنِي وَقد غضِبت فَأَرَدْت أَن تزيد فِي غَضَبي أما إنِّي سأؤدّبك أدباً يتأدَّب بِهِ غَيْرك يَا عَليّ بن الْهَيْثَم قد صفحت عَنْك ووهبت لَك مَا قدرت أَن أطالبك بِهِ وَرفع رَأسه إِلَى الْحَاجِب وَقَالَ لَا يبرح ابْن الْجُنَيْد الدَّار حتَّى يحمل لعَلي بن الْهَيْثَم مائَة ألف دِرْهَم ليَكُون لَهُ بذلك عقلٌ فَلم يبرح حتَّى حملهَا إِلَى ابْن الْهَيْثَم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute