أنشدتني حمدة بنت زِيَاد العوفيَّة وَقد خرجت متنزِّهة بالرملة من وَادي آش فرأت ذَات وَجه وسيم أعجبها فَقَالَت من الوافر
(أَبَاحَ الدَّمع أسراري بوادي ... بِهِ لِلْحسنِ آثارٌ بوادي)
(فَمن نهرٍ يطوف بِكُل روضٍ ... وَمن روضٍ يطوف بِكُل وَاد)
(وَمن بَين الظِّباء مهاة رملٍ ... سبت لبِّي وَقد ملكت قيادي)
(لَهَا لحظٌ ترقِّده لأمرٍ ... وَذَاكَ اللحظ يَمْنعنِي رقادي)
(إِذا سدلت ذوائبها عَلَيْهَا ... رَأَيْت الْبَدْر فِي جنح الدّآدي)
(كَأَن الصُّبح مَاتَ لَهُ شَقِيق ... فَمن حزنٍ تسربل بالحداد)
قَالَ وأنشدني الكاتبان أَبُو جَعْفَر بن عبيد الأركشي وَأَبُو إِسْحَق ابْن الْفَقِيه الجيّاني قَالَا أنشدنا القَاضِي أَبُو يحيى عتبَة بن مُحَمَّد بن عتبَة الجراوي لحمدة هَذِه من الطَّوِيل
(وَلما أَبى الواشون إِلَّا فراقنا ... ومالهم عِنْدِي وعندك من ثار)
(وشنُّوا على آذاننا كلَّ غارةٍ ... وقلَّت حماتي عِنْد ذَاك وأنصاري)
(غزوتهم من قلتيك وأدمعي ... وَمن نَفسِي بالسَّيف والسَّيل والنَّار)
وحدَّثني بعض قرَابَة الْأَمِير أبي عبد الله بن سعدٍ أنَّ هَذِه الأبيات لمهجة بنت عبد الرَّزَّاق الغرناطيّة وعاصرت حمدة هَذِه نزهون بنت القليعي الغرناطية وَسَيَأْتِي ذكرهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف النُّون فِي مَكَانَهُ
٣ - (الواعظة الهيتيَّة)
حمدة بنت واثقبن عليّ بن عبد الله الواعظة الهيتيَّة نزلت بَغْدَاد وسكنت بِبَاب الْمَرَاتِب
وَكَانَت تعقد مجْلِس الْوَعْظ وَسمعت أَبَا بكرٍ أَحْمد بن عَليّ بن بدران الْحلْوانِي وروى عَنْهَا ابْن السَّمعانيّ قَالَ محبّ الدّين ابْن النجار قَالَ أَبُو سعدٍ ابْن السَّمعاني كَانَت تحضر مَعنا السَّماع عِنْد أبي الْقَاسِم بن السَّمرقندي لِأَنَّهَا من جِيرَانه وسألتها عَن مولدها فَقَالَت سنة سِتّ)
وَسِتِّينَ وَأَرْبع مائَة
[حمدون]
٣ - (القصَّار)
حمدون القصَّار بن أَحْمد بن عمَارَة كَانَ فَقِيها على مَذْهَب سُفْيَان الثَّوْريّ وَكَانَ من الأبدال
توفّي فِي عشر الثَّمَانِينَ والمائتين