دُؤاد لما احتُضِر الواثق جعل يردِّد هذَيْن الْبَيْتَيْنِ
(الْمَوْت فِيهِ جميعُ الخَلق مشترِكٌ ... لَا سُوقةٌ منهُمُ يبْقى وَلَا مَلِكُ)
(مَا ضرَّ أهل قَلِيل فِي تفاقُرهم ... وَلَيْسَ يُغنى عَن الْأَمْلَاك مَا مَلكوا)
ثمَّ أَمر بالبُسُط فطُوِيَت من تَحْتَهُ وألصق خدَّه بِالْأَرْضِ وَجعل يَقُول يَا من لَا يَزُول مُلكُه وَكَانَ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَمِائَتَيْنِ قد صادر الدَّوَاوِين وسَجَنهم وَضرب أَحْمد بن أبي إِسْرَائِيل ألف سَوطٍ وَأخذ مِنْهُ ثَمَانِينَ ألف دِينَار وَمن سُلَيْمَان بن وهب كَاتب الْأَمِير أيتاخ أَرْبَعمِائَة ألف دِينَار وَمن أَحْمد بن الخصيب وكاتبه ألف ألف دِينَار وَيُقَال إِنَّه أَخذ من الكتّاب فِي هَذِه السّنة ثَلَاثَة آلَاف ألف دِينَار وَقَالَ مُحَمَّد بن عبد الْملك يرثي الواثق
(سَقَى قَبرَك الهاطل المُسبَلُ ... وجادت لَك الدِيَمُ الحُفَّلُ)
(وأسكَنَكَ الله خُلدَ الجِنان ... وجاوَرَك المُصطَفى المُرسَل)
(فقد بِنتَ منا على حاجةٍ ... وَهل يُدفَعُ القَدَرُ المُنزَل)
(وَذَلِكَ من خَيرةٍ سَاقهَا ... إِلَيْك إلهك لَا تُجهَل)
٣ - (أَخُو الواثق بِاللَّه)
هَارُون بن مُحَمَّد المعتصم وَهُوَ أَخُو أَمِير الْمُؤمنِينَ الواثق سُمى باسم أَخِيه وَهُوَ غَيره كَانَ المُعتزّ يزْعم أنّ شعره كثير وَلكنه لم يكن يُظهِره وَمن شعره وَقد عَبث بِغُلَام فَقَالَ دَعنا)
(وغَزالٍ إِذا تتنَّيتُ يَوْمًا ... فَهُوَ لَا غيرُه الَّذِي أَتَمَنَّى)
(يتجنّى فَإِن نَطَقتُ بعُذرٍ ... رَدَّه ظَالِما لَهُ وتظَنّى)
(أَيهَا اللائم العيونَ إِذا أَب ... صَرنَ من وَجهه جمالاً وحُسنا)
(أَخرِجِ السِّحر من جفونك عنّا ... ثمّ إِن لم ندَعك نَحن فدَعنا)
وَمِنْه
(وشادنٍ يفضَح بدر الدجا ... والبدرُ فِي ليلته يزهَرُ)
(يجحَد أنّي مستهامٌ بِهِ ... وَهُوَ لقولي أبدا مُنكِر)
(وَقد كساني سَقَمي حُلَّةً ... تُظهِر من وجدي الَّذِي أضمِر)
(يَكْفِيك منّي شَاهدا أنني ... إِلَيْك من دُون الورى أنظر)