للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اخْتِيَار آخر وَهُوَ أَن تجْعَل ضمير الْجمع للكثير الْهَاء وَالْألف وَضمير الْجمع الْقَلِيل الْهَاء وَالنُّون الْمُشَدّدَة كَمَا نطق الْقُرْآن إِن عدَّة الشُّهُور عِنْد الله اثْنَا عشر شهرا فِي كتاب الله يَوْم خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض مِنْهَا أَرْبَعَة حرم ذَلِك الدّين الْقيم فَلَا تظلموا فِيهِنَّ أَنفسكُم التَّوْبَة فَجعل ضمير الْأَشْهر الْحرم بِالْهَاءِ وَالنُّون لقلتهن وَضمير شهور السّنة الْهَاء وَالْألف لكثرتها وَكَذَلِكَ اخْتَارُوا أَيْضا أَن ألْحقُوا لصفة الْجمع الْكثير الْهَاء فَقَالُوا أَعْطيته دَرَاهِم كَثِيرَة وأقمت أَيَّامًا مَعْدُودَة وألحقوا لصفة الْجمع الْقَلِيل الْألف وَالتَّاء فَقَالُوا أَقمت أَيَّامًا معدودات وَكسوته أثواباً رفيعات وعَلى هَذَا جَاءَ فِي سُورَة الْبَقَرَة وَقَالُوا لن تمسنا النَّار إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَة الْبَقَرَة وَفِي سُورَة آل عمرَان إِلَّا أَيَّامًا معدودات آل عمرَان كَأَنَّهُمْ قَالُوا أَولا بطول الْمدَّة ثمَّ أَنهم رجعُوا عَنهُ فقصروا الْمدَّة انْتهى وَالْوَاجِب أَن تَقول فِي أول الشَّهْر لليلة خلت مِنْهُ أَو لغرته أَو لمستهله فَإِذا تحققت آخِره قلت انسلاخه أَو سلخه أَو آخِره قَالَ ابْن عُصْفُور وَالْأَحْسَن أَن تورخ بِالْأَقَلِّ فِيمَا مضى وَمَا بقى فَإِذا اسْتَويَا أرخت بِأَيِّهِمَا شِئْت قلت بل إِن كَانَ فِي خَامِس عشر قلت منتصف أَو فِي خَامِس عشر وَهُوَ أَكثر تَحْقِيقا لاحْتِمَال أَن يكون الشَّهْر نَاقِصا وَأَن كَانَ فِي الرَّابِع عشر ذكرته أَو السَّادِس عشر ذكرته

) فَائِدَة (وَرَأَيْت الْفُضَلَاء قد كتبُوا بعض الشُّهُور بِشَهْر كَذَا وَبَعضهَا لم يذكرُوا مَعَه شهرا وَطلبت الْخَاصَّة فِي ذَلِك فَلم أجدهم أَتَوا بِشَهْر إِلَّا مَعَ شهر يكون أَوله حرف رَاء مثل شَهْري ربيع وشهري رَجَب ورمضان وَلم أدر الْعلَّة فِي ذَلِك مَا هِيَ وَلَا وَجه الْمُنَاسبَة لِأَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَن يحذف لفظ شهر من هَذِه الْمَوَاضِع لِأَنَّهُ يجْتَمع فِي ذَلِك راءان قد فروا من ذَلِك وَكَتَبُوا دَاوُد وناوس وَطَاوُس بواو وَاحِدَة كَرَاهِيَة الْجمع بَين المثلين وَجَرت الْعَادة بِأَن يَقُولُوا فِي)

شهر الْمحرم شهر الله وَفِي شهر رَجَب شهر رَجَب الْفَرد أَو الْأَصَم أَو الأصب وَفِي شعْبَان شعْبَان المكرم وَفِي رَمَضَان رَمَضَان الْمُعظم وَفِي شَوَّال شَوَّال الْمُبَارك ويورخوا أول شَوَّال بعيد الْفطر وثامن ذِي الْحجَّة بِيَوْم التَّرويَة وتاسعه بِيَوْم عَرَفَة وعاشره بعيد النَّحْر وتاسع الْمحرم بِيَوْم تاسوعاء وعاشره بِيَوْم عَاشُورَاء فَلَا يَحْتَاجُونَ أَن يذكرُوا الشَّهْر وَلَكِن لَا بُد من ذكر السّنة قد يَجِيء فِي بعض الْمَوَاضِع نَيف وبضع مثل قَوْلهم نَيف وَعشْرين وَهُوَ بتَشْديد الْيَاء وَمن قَالَ نَيف بسكونها فَذَلِك لحن وَهَذَا اللَّفْظ مُشْتَقّ من أناف على الشَّيْء إِذا أشرف عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ لما زَاد على الْعشْرين كَانَ بِمَثَابَة المشرف عَلَيْهَا وَمِنْه قَول الشَّاعِر المتقارب

(حللت برابية رِأسها ... على كل رابية نَيف)

وَاخْتلف فِي مِقْدَاره فَذكر أَبُو زيد أَنه مَا بَين الْعقْدَيْنِ وَقَالَ غَيره هُوَ الْوَاحِد إِلَى الثَّلَاثَة وَلَعَلَّ هَذَا الْأَقْرَب إِلَى الصَّحِيح وَقَوْلهمْ بضع عشرَة سنة الْبضْع أَكثر مَا يسْتَعْمل فِيمَا بَين الثَّلَاث إِلَى الْعشْر وَقيل بل هُوَ مَا دون نصف العقد وَقد آثروا القَوْل الأول إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى وهم من بعد غلبهم سيغلبون فِي بضع سِنِين الرّوم وَذَلِكَ أَن الْمُسلمين كَانُوا يحبونَ أَن تظهر الرّوم على فَارس لأَنهم أهل كتاب وَكَانَ الْمُشْركُونَ يميلون إِلَى أهل فَارس لأَنهم أهل أوثان فَلَمَّا بشر الله تَعَالَى الْمُسلمين بِأَن الرّوم سيغلبون فِي بضع سِنِين سر الْمُسلمُونَ بذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>