وَقَالَ الطَّبَرِيّ إِن الْحسن غلبت عَلَيْهِ السَّوْدَاء فِي سنة ثَلَاث وَمِائَتَيْنِ وَكَانَ سَببهَا أَنه مرض مرضةً تغير فِيهَا حَتَّى شدّ فِي الْحَدِيد وَحبس فِي بَيت فاستوزر الْمَأْمُون أَحْمد بن أبي خَالِد
وَدخل الْحسن بن سهل على الْمَأْمُون وَهُوَ يشرب فَقَالَ لَهُ بحياتي وبحقي عَلَيْك يَا أَبَا مُحَمَّد إِلَّا شربت معي قدحاً وصب لَهُ من نَبِيذ قدحاً فَأَخذه بِيَدِهِ وَقَالَ لَهُ من تحب أَن تغنيك فَأَوْمأ إِلَى إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُون غنه يَا عَم فغناه صَوتا وَمِنْه من الْبَسِيط تسمع للحلي وسواساً إِذا انصرفت)
يعرض بِهِ لما كَانَ لحقه من السَّوْدَاء والاختلاط فَغَضب الْمَأْمُون حَتَّى ظن إِبْرَاهِيم أَنه سيوقع بِهِ ثمَّ قَالَ لَهُ أَبيت إِلَّا كفراناً يَا أكفر النَّاس لنعمة وَالله مَا حقن دمك عِنْدِي غَيره وَلَقَد أردْت قَتلك فَقَالَ إِن عَفَوْت عَنهُ فعلت فعلا لم يسبقك إِلَيْهِ أحدٌ فعفوت وَالله عَنْك لقَوْله أفحقه أَن تعرض بِهِ وَلَا تدع كيدك وَلَا دغلك أَو أنفت من إيمائه إِلَيْك بِالْغنَاءِ فَنَهَضَ إِبْرَاهِيم قَائِما وَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لم أذهب حَيْثُ ظَنَنْت وَلست بعائدٍ فَأَعْرض عَنهُ
وَصَارَ أَبُو الْهُذيْل إِلَى سهل بن يخرون الْكَاتِب وَكَانَ خَاصّا بالْحسنِ بن سهل يسْأَله كَلَامه فِي أمره ويستعينه على إِضَافَة كَانَ فِيهَا فَصَارَ سهل إِلَى الْحسن مَعَه فَكَلمهُ وَقَالَ قد عرفت حَال أبي وَقدره فِي الْإِسْلَام وَأَنه مُتَكَلم أَهله والراد على أهل الْإِلْحَاد وَقد فزع إِلَيْك لإضاقة هُوَ فِيهَا فوعده أَن ينظر لَهُ فِيمَا يصلح لَهُ فَلَمَّا انْصَرف سهل إِلَى منزله كتب إِلَى الْحسن من الْكَامِل
(إِن الضَّمِير إِذا سَأَلتك حَاجَة ... لأبي الْهُذيْل خلاف مَا أبدي)
(فامنعه روح الْيَأْس ثمَّ امدد لَهُ ... حَبل الرَّجَاء بمخلف الْوَعْد)
(وألن لَهُ كنفاً ليحسن ظَنّه ... فِي غير مَنْفَعَة وَلَا رفد)
(حَتَّى إِذا طَالَتْ شقاوة جده ... بعناية فاجبهه بِالرَّدِّ)
فَلَمَّا قَرَأَ الْحسن كِتَابه وَقع إِلَيْهِ هَذِه لَك الويل صِفَتك لَا صِفَتي وَأمر لأبي الْهُذيْل بِخَمْسِينَ ألف دِرْهَم
وترجل لَهُ يَوْمًا عَليّ بن هِشَام فَأمر لَهُ بِأَلف دَابَّة قَالَ يحيى بن خاقَان فَبَقيت واجماً فَقَالَ يَا يحيى لَيْسَ لما أمرنَا بِهِ لَهُ نفعٌ وَفِيه عَلَيْهِ ضررٌ فَاكْتُبْ لَهُ مَعَ ذَلِك بِأَلف غُلَام وَأجر لَهُ أرزاق الغلمان وعلوفة الدَّوَابّ علينا
وَتُوفِّي الْحسن سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَقيل سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَقيل سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ
ومدحه يُوسُف الْجَوْهَرِي بقوله من الْبَسِيط