للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(أأعقر من جراً كَرِيمَة نَاقَتي ... ووصلي مقرونٌ بوصل منَازِل)

(إِذا جَاءَ قعقعن الْحلِيّ وَلم أكن ... إِذا جِئْت أرْضى صَوت تِلْكَ الخلاخل)

(مَتى مَا انتضلنا بِالسِّهَامِ نضلته ... وَإِن يرم رشقاً عِنْدهَا فَهُوَ ناضلي)

وَلما أصبح لبس حلتيه وَركب نَاقَة أُخْرَى وَمضى معرضًا لَهُنَّ فألفى ليلى قَاعِدَة بِفنَاء بَيتهَا وَقد علق حبه بقلبها وَعِنْده جويريات يتحدثن مَعهَا فَوقف بِهن وَسلم فدعونه إِلَى النُّزُول وقلن لَهُ هَل لَك فِي محادثة من لَا يشْغلهُ عَنْك منَازِل وَلَا غَيره فَقَالَ إيه لعمري

وَنزل مثل مَا فعله بالْأَمْس فَأَرَادَتْ ليلى ان تعلم هَل لَهَا عِنْده مثل مَا لَهُ عغندها فَجعلت تعرض عَن حَدِيثه سَاعَة بعد سَاعَة وتحدث غَيره وَقد كَانَت شغفته واستملحها فَبينا هِيَ تحدثه إِذْ اقبل فَتى من الْحَيّ فدعته وسارته سراراً طَويلا ثمَّ قَالَت لَهُ انْصَرف وَنظرت إِلَى)

وَجه الْمَجْنُون وَقد تغير وامتقع لَونه فَقَالَت

(كِلَانَا مظهرٌ لناس بغضاً ... وكل عِنْد صَاحبه مكين)

(تبلغنَا الْعُيُون بِمَا أردنَا ... وَفِي القلبين ثمَّ هوى دَفِين)

فَلَمَّا سمع الْبَيْتَيْنِ شهق شهقة وأغمي عَلَيْهِ وَمكث على ذَلِك سَاعَة ونضحوا المَاء على وَجهه ثمَّ أَفَاق وَقد تمكن حل كل مِنْهُمَا فِي قلب صَاحبه وانفصلا وَقد أصَاب الْمَجْنُون لوثة

وَلم يزل فِي جنبات الْحَيّ مُنْفَردا عَارِيا لَا يلبس ثوبا إِلَّا خرقَة يهذي ويخطط فِي الأَرْض ويلعب بِالتُّرَابِ وَالْحِجَارَة لَا يُجيب أحدا يسْأَله فَإِذا أَحبُّوا أَن يتَكَلَّم أَو يثوب عقله إِلَيْهِ ذكرُوا لَهُ ليلى فَيَقُول بِأبي هِيَ وَأمي ثمَّ يرجع إِلَيْهِ عقله وينشدهم

فَلَمَّا تولى الصَّدقَات عَلَيْهِم نَوْفَل بن مساحق رأى الْمَجْنُون يلْعَب بِالتُّرَابِ عُريَانا وَحكي لَهُ مَا هُوَ فِيهِ فَأَرَادَ أَن يكلمهُ فَقيل لَهُ مَا يكلمك إِلَّا إِن ذكرت لَهُ ليلى وحديثها فَذكرهَا فَأقبل يحدثه بحديثها وينشده شعره فِيهَا فرق لَهُ نَوْفَل وَقَالَ لَهُ أَتُحِبُّ أَن أزَوّجكَهَا قَالَ نعم وَهل لي إِلَى ذَلِك سَبِيل فَدَعَا لَهُ بِثِيَاب فألبسه إِيَّاهَا وَرَاح مَعَه كأصح مَا يكون يحدثه وينشده فَبلغ ذَلِك رَهْط ليلى فتقلوه فِي السِّلَاح وَقَالُوا لَهُ لَا وَالله يَا ابْن مساحق لَا يدْخل الْمَجْنُون مَنَازلنَا أبدا وَقد أهْدر السُّلْطَان دَمه فَأقبل بهم وَأدبر فَأَبَوا فَقَالَ للمجنون إِن انصرافك أَهْون من سفك الدِّمَاء فَانْصَرف وَقَالَ

(أيا وَيْح من أَمْسَى يخلس عقله ... فَأصْبح مذهوباً بِهِ كل مَذْهَب)

(خلياً من الخلان إِلَّا معذراً ... يضاحكني من كَانَ يهوى تجنبي)

<<  <  ج: ص:  >  >>