فَقلت واللهِ مَا هُوَ شعري فَقَالَ وَيحك قل أبياتاً تذكر فِيهَا حَوف مِصرَ وفضلَها على غَيرهَا والقَني بهَا غَدا فغدوتُ عَلَيْهِ فَأَنْشَدته
(سَرَي الهَمُّ حَتَّى بيتتني طلائعه ... بمصرَ وبالحَوف اعترتني روائِععُه)
(وَبَات وِسادي ساعدٌ قَلَّ لحمهُ ... عَن العَظمِ حَتَّى كَاد تبدو أَشاجِعُه)
وَذكر الْغَيْث فَقَالَ
(وَكم دون ذَاك الْعَارِض البارق الَّذِي ... لَهُ اشتقتُ من وجهٍ أسيلٍ مدامُعه)
(تمسَّى بِهِ أَبنَاء بَكرٍ ومَذحِج ... وأفناء عَمرو فَهُوَ خصبٌ مرَاتعُه)
(بِكُل مَسيلٍ من تهامةَ طيبٍ ... دَميثِ الرُّبى تَسْقِي البحارَ دوافعُه)
(أَعنِي على بَرقٍ أريك وميضَه ... تُضيء دُجناتِ الظَّلامِ لوامعُه)
(إِذا اكتحلَت عينَا محبٍّ بضَوئه ... تجافت بِهِ حَتَّى الصَّباح مَضاجِعُه)
قَالَ أَنْت وَالله شَاعِر احضُر الْبَاب فَإِنِّي أَذكرك قَالَ فَجَلَست على الْبَاب وَدخل فدُعيَ ليَ فَدخلت فَسلمت على عبد الْعَزِيز فَصَعدَ فيَّ بصرَه وصوّب وَقَالَ أشاعر وَيلَك أَنْت قلت نعم أَيهَا الْأَمِير قَالَ فأنشدني فَأَنْشَدته)
(لِعبدِ الْعَزِيز على قومه ... وغيرِهم نِعَمٌ غامرَه)
(فبابُك أليَنُ أبوابِهم ... ودارُك مأهولةٌ عامِرَه)
(وكيلُك آنسُ بالمعتَفِينَ ... من الأُمِّ بالإبنة الزائرَه)
(وكفُّك حِين تَرَى السَّائلين ... أندّى من اللَّيْلَة الماطرَه)
(فمنك العطاءُ وَمنا الثناءُ ... بكلّ مُحبَّرةٍ سائرَه)
فَقَالَ أَعْطوهُ أَعْطوهُ فَقلت إِنِّي مَمْلُوك فَدَعَا الْحَاجِب وَقَالَ اخْرُج فأبلغ فِي قِيمَته فَدَعَا المقوَّمين فَقَالَ قوِّموا غُلَاما أسود لَيْسَ فِيهِ عيب فَقَالُوا مائةَ دينارٍ قَالَ إِنَّه راعي إبل يُحسِن القيامَ عَلَيْهَا قَالُوا مِائَتَا دينارٍ قَالَ إِنَّه يَبري القِسيَّ والنَّبل ويَريشها قَالُوا أَرْبَعمِائَة دِينَار قَالَ إِنَّه رِوَايَة للشعر قَالُوا سِتّمائَة دِينَار قَالَ إِنَّه شَاعِر لَا يلحَن قَالُوا ألف دِينَار قَالَ عبد الْعَزِيز ادفعها إِلَيْهِ فَقلت لَهُ أصلح الله الْأَمِير ثمن بَعِيري الَّذِي ضلّ قَالَ كم ثمنه قلت خَمْسَة وَعِشْرُونَ دِينَارا قَالَ ادفعوها إِلَيْهِ قلت فجائزتي لنَفْسي عَن مديحي إياك قَالَ اشْتَرِ نَفسك ثمَّ عُد إِلَيْنَا ووفد النَّصِيب على الحكم بن الْمطلب وَهُوَ ساعٍ على بعض صدقَات الْمَدِينَة فأنشده
(أيا مروانَ لستَ بخارجي ... وَلَيْسَ قديمُ مجدك بانتحال)