فاستباحوهم قتلا وأسراً وَعلم الرُّومِي بانثناء الْأَفْضَل عَنهُ ومخامرة بعض أمرائه عَلَيْهِ فولى هَارِبا وَتَبعهُ الْأَشْرَف يتخطَّف أَطْرَاف عسكره واسترجع تل بَاشر وَغَيرهَا للْملك الْعَزِيز وَبَقِي الْأَفْضَل بشميساط إِلَى أَن توفّي يَوْم الْجُمُعَة فُجاءةً بعد أَن صلَّى الْجُمُعَة خَامِس عشْرين صفر من السّنة الْمَذْكُورَة وَحمل إِلَى حلب وَدفن بهَا
وَكَانَ صَحِيح العقيدة عِنْده علمٌ وأدب يحبُّ الْعلمَاء ويحترمهم وَله فِي الْجِهَاد مَعَ أَبِيه مشَاهد مَعْرُوفَة وآثار جميلَة ووقف أوقافاً جليلة على قبَّة الصَّخْرَة وَغَيرهَا
ولشعراء عصره فِيهِ أمداح طائلة وقصائد هائلة مثل ابْن الساعاتي وَابْن سناء الْملك وَغَيرهمَا)
فَمن قَول ابْن سناء الْملك فِيهِ من جملَة قصيدة
(مَلِكٌ اسمهُ عليٌّ ولكنْ ... كيدُه فِي حروبه كيدُ عَمرو)
(لَيْسَ ينفكُّ بَين فتكٍ وفتحٍ ... حينَ يختال بَين نصلٍ ونصرِ)
(وَجهه البدرُ فِي الحروب وَلَا تع ... جبْ إِذا كَانَ يومُه يومَ بدرِ)
وَمِنْه من قصيدة أُخْرَى
(حسبي عليٌّ ندًى حسبي عليٌّ هدى ... حسبي عليٌّ جدا حسبي عليٌّ عُلا)
(حسبي أَبُو حَسنٍ فِي كل نائبةٍ ... يستفرغ الحَوْلَ أَو يستفرغ الحِيَلا)
(حمدتُ آخرَ أيّامي بخدمته ... ولستُ أَحْمد من أيّاميَ الأولا)
(ذكري بِهِ سارَ حَالي عِنْده عَظُمَتْ ... قدري بِهِ جَلَّ مقداري لَدَيْهِ عَلا)
وَمن قَول ابْن الساعاتي فِيهِ يمدحه
(وزُرْتُ مصرا بغابٍ من قَنًا وظُبًى ... قلَّتْ لَهُ شامخاتُ المُدْنِ والقُلَلُ)
(سكنتها حِين سكَّنتَ الْبِلَاد بهَا ... جَمْعاً وثُقِّفَ ذَاك الزَّيغُ والخَطَلُ)
(فللقلوب اللواتي طالما وَجَبتْ ... بهَا سكونٌ وللدنيا بهَا زَجَلُ)
(نهارُها بكَ أسحارٌ مقدَّسةٌ ... جَمِيعهَا والليالي كلُّها أُصُلُ)
(حَلأْتَ عَنْهَا وحَلَّيتَ الزمانَ بهَا ... فاليومَ لَا عَطَبٌ يُخشى وَلَا عَطَلُ)