والرطل اللَّحْم بالدمشقي بسبعة دَرَاهِم والرطل اللَّبن بِدِرْهَمَيْنِ وَالْبيض سِتّ بيضات بدرهم ورطل بِثمَانِيَة دَرَاهِم وَلم يكن الشَّام مرخصاً وتوقفت الأمطار وفزع النَّاس
وَذَلِكَ فِي سنة خمس وَتِسْعين وست مائَة وَتبع ذَلِك وباء عَظِيم وفناء كَبِير ثمَّ أَن الغلاء وَقع بِالشَّام وَبَلغت الغرارة مائَة وَثَمَانِينَ درهما
ثمَّ قدم الْملك الْعَادِل كتبغا إِلَى دمشق بالعساكر فِي ذِي الْقعدَة سنة خمس وَتِسْعين وَلما عَاد الْعَادِل إِلَى مصر من نوبَة حمص وَكَانَ فِي سلخ الْمحرم سنة سِتّ وتعسين فَلَمَّا كَانَ بوادي فَحْمَة قتل حسام الدّين لاجين الْأَمِير سيف الدّين بتخاص وبكتوت الْأَزْرَق العادليين وَكَانَا عزيزان على الْعَادِل فَلَمَّا رأى الْعَادِل الهوشة خَافَ على نَفسه فَركب فرس النّوبَة وسَاق وَمَعَهُ)
خَمْسَة مماليك وَوصل إِلَى دمشق الْعَصْر وَنزل بالقلعة
وسَاق حسام الدّين لاجين بالخزائن وَركب فِي دست الْملك وَبَايَعَهُ الْجَيْش وَلم يخْتَلف عَلَيْهِ اثْنَان وَتسَمى بالمنصور وخطب لَهُ بالقدس وغزة وَجَاء الْخَبَر إِلَى دمشق بِأَن صفد زينت وَضربت البشائر بهَا وبالكرك ونابلس
وَوصل كجكن والأمراء من الرحبة فَلم يدخلُوا دمشق ونزلوا بِالْقربِ من مَسْجِد الْقدَم وَأظْهر كجكن سلطنة الْمَنْصُور حسام الدّين لاجين فتحقق الْعَادِل زَوَال ملكه وأذعن لَهُ بِالطَّاعَةِ وَاجْتمعَ الْأُمَرَاء وحلفوا للمنصور
وَفِي مستهل ربيع الأول سنة سِتّ وَتِسْعين خطب للمنصور بِدِمَشْق واستناب بِمصْر الْأَمِير شمس الدّين قراسنقر ثمَّ قبض عَلَيْهِ واستناب مَمْلُوكه منكوتمر وَجعل الْأَمِير سيف الدّين قبجق نَائِبا بِدِمَشْق
وجهز السُّلْطَان النَّاصِر إِلَى الكرك وَقَالَ لَهُ الْمَنْصُور لَو علمت أَنهم يخلون الْملك لَك وَالله لتركته وَلَكنهُمْ لَا يخلونه لَك وَأَنا مملوكك ومملوك والدك أحفظ لَك الْملك وَأَنت الْآن تروح إِلَى الكرك إِلَى أَن تترعرع وترتجل وتتخرج وتجرب الْأُمُور وتعود إِلَى ملكك بِشَرْط أَنَّك تُعْطِينِي دمشق وأكون بهَا مثل صَاحب حماة فِيهَا فَقَالَ لَهُ السُّلْطَان الْملك النَّاصِر فاحلف لي أَن تبقي عَليّ نَفسِي وَأَنا أروح وَحلف كل مِنْهُمَا على مَا أَرَادَهُ الآخر
وَلما توجه إِلَى الكرك أَقَامَ بهَا إِلَى أَن قتل الْمَنْصُور حسام الدّين لاجين فِي شهر ربيع الآخر سنة ثَمَان وتعسين وست مائَة على مَا يذكر فِي تَرْجَمته
وَحلف الْأُمَرَاء للسُّلْطَان الْملك النَّاصِر وأحضروه من الكرك وملكوه وَهَذِه سلطنته الثَّانِيَة
وَاسْتقر فِي النِّيَابَة بِمصْر الْأَمِير سيف الدّين سلار وَفِي الأتابكية حسام الدّين لاجين استاد دَار وَفِي جُمَادَى الأولى من السّنة ركب السُّلْطَان الْملك النَّاصِر بِالْقَاهِرَةِ فِي دست الْملك والتقليد الحاكمي وعمره يَوْمئِذٍ خمس عشرَة سنة ورتب الْأَمِير جمال الدّين آقوش الأفرم نَائِبا بِدِمَشْق
وَفِي عود السُّلْطَان إِلَى الْملك ثَانِيًا قَالَ عَلَاء الدّين الوداعي وَمن خطه نقلت
(الْملك النَّاصِر قد أَقبلت ... دولته مشرقة الشَّمْس)
(عَاد إِلَى كرسيه مثل مَا ... عَاد سُلَيْمَان إِلَى الْكُرْسِيّ)
)
وَلما حضر التتار إِلَى الشَّام خرج السُّلْطَان بالعساكر إِلَى الشَّام للقاء الْعَدو فِي أَوَائِل سنة تسع