للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَقلت خفض عَلَيْك من الْكَلَام يَرْحَمك الله أَبَا تَمام الْخطب أيسر والخصم أعْسر أما علمت أَن هَذَا الرجل قد أسْند ظَهره إِلَى أمنع معقل وَأحْصن موئل وأرحب دَار وأحوط جِدَار وأثقب نَار وَأَعْلَى منار وأحرز حرم وأعز ذمم وَأَنه قد حط رَحْله من الْمَكَان الأمنع)

وَأثبت رجله بالعنان الأرفع من مجْلِس سيدنَا الْوَزير الرئيس ولي الدّين معِين الدولة كريم الْملك ثِقَة الحضرة ذِي الرياستين أبي الْفضل فَقَالَ اسْمَع مَا لَا يدْفع إِذا كَانَ الْأَمر على مَا ذكرت وَوَقع اعترافي بِمَا أنْكرت فَلم وَقع هَذَا الذَّنب على تحتي وَكَيف لم يستلن ملابس تختي وَلم خصني بإذالة مصوني وحصني بتحيف غصوني وهلا تصدى بالنهب لمدائح ابْني وهب وهما غماما الزَّمن الجديب وهماما الْيَوْم العصيب وَمَا هَذَا الِانْفِرَاد ببناتي والحصاد لناضر نباتي والانقضاض على قصائدي والاقتناص من حبائل مصائدي

(سرقات مني خُصُوصا فَهَلا ... من عَدو أَو صَاحب أَو جَار)

وَلم لَا عدل عَن شومي إِلَى شعر ابْن الرُّومِي وهلا كَانَ يجتري بِمثل هَذَا على البحتري وَكَيف آثر قربي على الْقرب من المتنبي وليته قنع وَرَضي بِشعر الشريف الرضي أَو يسْتَدرك مَا فَاتَهُ من ديوَان ابْن نَبَاته أَو انتحل الِاخْتِيَار من أشعار مهيار إِلَى مثل هَؤُلَاءِ الْفُضَلَاء أيوجب عَليّ الزَّكَاة وَلَيْسَ فِي الشّعْر نِصَاب وَيقرب عَليّ أَمر الزَّكَاة اعتصاب

(وَإِن أَتصدق بِهِ حسبَة ... فَإِن الْمَسَاكِين أولى بِهِ)

فَقلت إِن هَذَا الرجل لم يكن للقريض بلص وَلكنه قريب عهد بحمص وَكَانَ أَقَامَ بهَا جامح الْعَنَان طامح السنان لَو أضَاف قلادة الجوزاء إِلَيْهِ لم يجد من يُنكر عَلَيْهِ فَهُوَ يَقُول مَا شا من غير أَن يتحاشى

(لأَنهم أهل حمص لَا عقول لَهُم ... بهائم أفرغوا فِي قالب النَّاس)

وَلم يزل كَذَلِك حَتَّى انتدب لَهُ من سراة جندها من بحث عَنهُ ونقب فَخرج مِنْهَا خَائفًا يترقب فَلَمَّا ورد دمشق رمى فِي أغراضها بذلك الرشق

(وَقد يَسْتَوِي المصران حمص وجلق ... وَلَا حصن جيرون بهَا والقنيحك)

فَكَانَت عَادَة حمص تخدعه وسَادَة دمشق تردعه حَتَّى كوشف وقوشف وَرجع بِهِ الْقَهْقَرِي وَدفع فِي صَدره من ورا وَقيل لَهُ أَيْن يذهب بك وَمَا هَذِه الشقشقة فِي غببك إِلَى مجْلِس هَذَا الشريف قهره المنيف صَدره العالي ذكره الغالي شكره تشمرج لبائس الْأَيَّام

<<  <  ج: ص:  >  >>