يَأْتِيهِ جَيش من الْأمين إِلَّا قهره وهزمه وَفِي سنة سبع لحق الْقَاسِم الملقب بالمؤتمن وَهُوَ أَخُو الْمَأْمُون وَمَنْصُور بن الْمهْدي بالمأمون وَتقدم طَاهِر فَنزل بِبَاب الأنبار بالبستان فَضَاقَ ذرع الْأمين وتفرق مَا كَانَ فِي يَده من الْأَمْوَال فَأمر بِبيع مَا فِي الخزائن من الْأَمْتِعَة وَضرب أواني الذَّهَب وَالْفِضَّة وَكَثُرت الْحَرْب وَالْهدم حَتَّى درست محَاسِن بغداذ وعملت فِيهَا المراثي وطاهر مصابر الْأمين وجنده حَتَّى مل أهل بغداذ قِتَاله فاستأمن إِلَى طَاهِر المتوكلون للأمين بقصر صَالح وسلموه الْقصر بِمَا فِيهِ ثمَّ استأمن صَاحب الشَّرْط مُحَمَّد بن عِيسَى فضعف ركن الْأمين واستسلم دَاخل قصر صَالح أَبُو الْعَبَّاس يُوسُف ابْن يَعْقُوب الباذغيسي وَجَمَاعَة القواد وَلما كَانَت وقْعَة هَذَا الْقصر وَقع الْأمين على الْأكل وَالشرب وَاللَّهْو ووكل الْأَمر إِلَى مُحَمَّد بن عِيسَى بن نهيك وَبَقِي يُقَاتل عَن الْأمين غوغاء بغداذ والعيارون والحرافشة فأنكوا فِي أَصْحَاب طَاهِر وأيقن مُحَمَّد بِالْهَلَاكِ ودام حِصَار بغداذ هَكَذَا خَمْسَة عشر شهرا وَفِي سنة ثَمَان قفر خُزَيْمَة بن خازم من كبار قواد الْأمين إِلَى طَاهِر بن الْحُسَيْن هُوَ وَمُحَمّد بن عَليّ بن عِيسَى بن ماهان فوثبا على جسر دجلة وقطعاه وركزا أعلامهما وخلعا الْأمين ودعوا لِلْمَأْمُونِ فَأصْبح طَاهِر وَقد ألح بِالْقِتَالِ على أَصْحَاب الْأمين وَقَاتل بِنَفسِهِ وَدخل بِالسَّيْفِ قسراً ونادى من دخل بَيته فَهُوَ آمن ثمَّ أحَاط بِمَدِينَة الْمَنْصُور وبقصر زبيدة وَقصر الْخلد فَخرج مُحَمَّد بأَهْله وَأمه من الْقصر إِلَى مَدِينَة الْمَنْصُور وتفرق عَامَّة جنده وغلمانه وَقل عَلَيْهِم الْقُوت وَالْمَاء ثمَّ إِنَّه خرج لَيْلَة فِي حراقة لما قوي الْحصار يَوْم الْخَمِيس وَالْجُمُعَة والسبت وَطلب هزيمَة فَلَمَّا سمع بذلك طَاهِر خرج إِلَيْهِ ورماه بالنشاب فَانْكَفَأت الحراقة وغرق الْأمين وَمن كَانَ فِيهَا فسبح حَتَّى صَار إِلَى بُسْتَان)
مُوسَى فَعرفهُ مُحَمَّد بن حميد الظَّاهِرِيّ فصاح بِأَصْحَابِهِ وَأخذ بِرجلِهِ وَحمل على برذون وَخَلفه من يمسِكهُ كالأسير وَحمل إِلَى طَاهِر فَدَعَا طَاهِر بمولاه قُرَيْش الدنداني فَأمره بقتْله وَنصب رَأسه على حَائِط بُسْتَان وَنُودِيَ عَلَيْهِ هَذَا رَأس المخلوع مُحَمَّد ثمَّ بعث بِهِ مَعَ الْبرد والقضيب والمصلى وَهُوَ من سعف مبطن مَعَ ابْن عَمه مُحَمَّد بن مُصعب إِلَى الْمَأْمُون وَقَالَ لَهُ قد بعثت لَك بالدنيا وَهُوَ رَأس الْأمين وبالآخرة وَهِي الْبرد والقضيب فَأمر الْمَأْمُون لمُحَمد بن مُصعب بِأَلف ألف دِرْهَم وَلما رأى رَأس الْأمين سجد وَكَانَ قَتله سنة تسع وَتِسْعين وَمِائَة وخلافته أَربع سِنِين وأياماً وَكَانَ الْأمين بُويِعَ بالخلافة فِي عَسْكَر أَبِيه بطوس صَبِيحَة اللَّيْلَة الَّتِي توفّي فِيهَا أَبوهُ وَذَلِكَ يَوْم السبت لأَرْبَع خلون من جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَمِائَة وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَعشْرين سنة أَو اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَكَانَ الْمَأْمُون يَوْمئِذٍ بمرو واستوزر الْفضل بن الرّبيع وَولى إِسْمَاعِيل بن صبيح الرسائل والتوقيعات وَعِيسَى بن عَليّ بن ماهان الشرطة وَقيل عبد الله بن حَازِم وَأول مَا بَدَأَ بِهِ الْأمين إِطْلَاق عبد الْملك بن صَالح بن عَليّ الْهَاشِمِي من الْحَبْس وَكَانَ قد حَبسه هَارُون وَكَانَ هَارُون الرشيد يعرف بفراسته مَا وَقع بَين الْأمين والمأمون فَكَانَ ينشده
(مُحَمَّد لَا تبغض أَخَاك فَإِنَّهُ ... يعود عَلَيْك الْبَغي إِن كنت بَاغِيا)
(فَلَا تعجلن فالدهر فِيهِ كِفَايَة ... إِذا مَال بالأقوام لم يبْق بَاقِيا)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute