للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَو فِي تصانيفه وَلما قدم الْبِلَاد لَازم الشَّيْخ بهاء الدّين ابْن النّحاس رَحمَه الله كثيرا وَأخذ عَنهُ كتب الْأَدَب وَهُوَ شيخ حسن الْعمة مليح الْوَجْه ظَاهر اللَّوْن مشرباً حمرَة منور الشيبة كَبِير اللِّحْيَة مسترسل الشّعْر فِيهَا لم تكن كثة عِبَارَته فصيحة لُغَة الأندلس يعْقد الْقَاف قَرِيبا من الْكَاف على)

أَنه ينْطق بهَا فِي الْقُرْآن فصيحة وسمعته يَقُول مَا فِي هَذِه الْبِلَاد من يعْقد حرف الْقَاف وَكَانَ لَهُ خُصُوصِيَّة بالأمير سيف الدّين أرغون الدوادار الناصري نَائِب السُّلْطَان بالممالك الاسلامية ينبسط مَعَه ويبيت عِنْده وَلما توفيت ابْنَته نضار طلع إِلَى السُّلْطَان الْملك النَّاصِر وَسَأَلَ مِنْهُ أَن يدفنها فِي بَيتهَا دَاخل الْقَاهِرَة فَأذن لَهُ فِي ذَلِك وَسَيَأْتِي ذكرهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَكَانَ أَولا يرى رَأْي الظَّاهِرِيَّة ثمَّ إِنَّه تمذهب للشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنهُ وَتَوَلَّى تدريس التَّفْسِير بالقبة المنصورية والإقراء بالجامع الْأَقْمَر وقرأت عَلَيْهِ الْأَشْعَار السِّتَّة والمقامات الحريرية وحضرها جمَاعَة من أفاضل الديار المصرية وسمعوها بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ وَكَانَ بِيَدِهِ نُسْخَة صَحِيحَة يَثِق بهَا وبيد الْجَمَاعَة قريب من اثْنَتَيْ عشرَة نُسْخَة وإحداهن بِخَط الحريري وَوَقع مِنْهُ وَمن الْجَمَاعَة فِي أثْنَاء الْقِرَاءَة فَوَائِد ومباحث عديدة وَقَالَ لم أر بعد ابْن دَقِيق الْعِيد أفْصح من قراءتك وَلما وصلت المقامة الَّتِي أورد الحريري فِيهَا الأحاجي قَالَ مَا أعرف مَفْهُوم الأحجية المصطلح عَلَيْهَا بَين أهل الْأَدَب فَأخذت فِي إِيضَاح ذَلِك وَضرب الْأَمْثِلَة لَهُ فَقَالَ لي لَا تتعب معي فَإِنِّي تعبت مَعَ نَفسِي فِي معرفَة ذَلِك كثيرا وَمَا أَفَادَ وَلَا ظهر لي وَهَذَا فِي غَايَة الْإِنْصَاف مِنْهُ وَالْعَدَالَة لاعْتِرَافه لي فِي ذَلِك الْجمع وهم يسمعُونَ كَلَامه بِمثل ذَلِك وقرأت عَلَيْهِ أَيْضا سقط الزند لأبي الْعَلَاء وقرأت عَلَيْهِ بعض الحماسة لأبي تَمام الطَّائِي ومقصورة ابْن دُرَيْد وَغير ذَلِك وَسمعت من لَفظه كتاب تَلْخِيص الْعبارَات بلطيف الإشارات فِي الْقرَاءَات السَّبع لِابْنِ بليمة وَسمعت عَلَيْهِ كتاب الفصيح لثعلب بِقِرَاءَة القَاضِي شهَاب الدّين ابْن فضل الله بِالْقَاهِرَةِ وَسمعت من لَفظه خطْبَة كِتَابه الْمُسَمّى ب ارتشاف الضَّرْب من لِسَان الْعَرَب وانتقيت ديوانه وكتبته وسمعته مِنْهُ وَسمعت من لَفظه مَا اخترته من كِتَابه مجاني الهصر وَغير ذَلِك أَنْشدني من لَفظه لنَفسِهِ

(سبق الدمع بِالْمَسِيرِ المطايا ... إِذْ نوى من أحب عني نَقله)

(وأجاد السطور فِي صفحة الخ ... د وَلم لَا يجيد وَهُوَ ابْن مقله)

وأنشدني أَيْضا فِي صِفَات الْحُرُوف

(أَنا هاو لمستطيل أغن ... كلما اشْتَدَّ صَارَت النَّفس رخوه)

(أهمس القَوْل وَهُوَ يجْهر سبي ... وَإِذا مَا انخفضت أظهر علوه)

(فتح الْوَصْل ثمَّ أطبق هجراً ... بصفير وَالْقلب قلقل شجوه)

)

(لَان دهراً ثمَّ اغتدى ذَا انحراف ... وَفَشَا السِّرّ مذ تَكَرَّرت نَحوه)

وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ

(يَقُول لي العذول وَلم أطعه ... تل فقد بدا للحب لحيه)

<<  <  ج: ص:  >  >>