للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوافرة والسعادة المتكاثرة أَخْبرنِي القَاضِي شهَاب الدّين أَحْمد بن فضل الله قَالَ لقد حرص النشو على رميه من عين السُّلْطَان بِكُل طَرِيق فَلم يقدر حَتَّى إِنَّه عمل أوراقاً بِمَا على الْخَاص من المتأخرات من زمَان من تقدمه وَذكر فِيهَا جملَة كَثِيرَة ثمن صنف أَظُنهُ رصاصاً بيع من جمال الدّين ثمَّ قَرَأَ الأوراق على السُّلْطَان ليعلمه أَن لَهُ أَمْوَالًا وَاسِعَة يتكسب فِيهَا ويتاجر على السُّلْطَان قَالَ لي ابْن قروينه وَكَانَ حَاضرا قرأتها وَالله أعلم لقد بَقِي يُعِيد ذكر جمال الدّين مَرَّات وَيرْفَع صَوته ثمَّ يسكت ليفتح السُّلْطَان مَعَه بَابا فِيهِ فَيَقُول فَمَاذَا يُرِيد فَمَا زَاد السُّلْطَان على أَن قَالَ هَذَا لَا تؤخره روح السَّاعَة أعْطه مَاله وَلَا تُؤخر لَهُ شَيْئا وَقَالَ لي القَاضِي شهَاب الدّين ابْن فضل الله أَيْضا وَكَانَ السُّلْطَان عَارِفًا بِمَا لجمال الدّين من الْمَنَافِع مِمَّا يحصل لَهُ من الْخلْع الكوامل وَالْبِغَال المسرجة الملجمة والتعابي والقماش والإنعامات من الآدر السُّلْطَانِيَّة والأمراء وآدرهم والأعيان عِنْده عَافِيَة مرضاهم إِلَى غير ذَلِك من الافتقادات هَذَا إِلَى مَا لَهُ من الجوامك والرواتب والإنعامات والتشريف السلطاني وجامكية المارستان والتدريس من رسوم التَّزْكِيَة وخدم النَّاس والمكسب مَعَ الاقتصاد فِي النَّفَقَة والاقتصار على)

الضَّرُورِيّ الَّذِي لَا بُد مِنْهُ وَكَانَ يلازم الْخدمَة سفرا وحضراً ويتجمل فِي ملبوسه ومركوبه وحشمه وداره وجواريه وخدمه من غير إِسْرَاف وَلَا تكْثر وَكَانَ السُّلْطَان لَا يَقُول لَهُ إِلَّا يَا إِبْرَاهِيم وَرُبمَا قَالَ يَا حَكِيم إِبْرَاهِيم وَلَقَد قَالَ مرّة بحضوري إِبْرَاهِيم صاحبنا يَعْنِي جمال الدّين الْمَذْكُور وَكَانَ غَايَة مِنْهُ فِي قرب الْمحل والأمن إِلَيْهِ وَله مَعَ هَذَا خُصُوصِيَّة ببكتمر الساقي أَنه إِلَى جَانب السُّلْطَان أميل وعَلى رِضَاهُ أحل وجمال الدّين على إفراط هَذَا الْعُلُوّ وَقرب هَذَا الدنو لَا يتكبر وَلَا يرى نَفسه إِلَّا مثل بعض الْأَطِبَّاء توقراً لجَماعَة رفقته كلهم ويجل اقدار ذَوي السن مِنْهُم وَأهل الْفضل ويخاطبهم بالأدب ويحدثهم بِالْحُسْنَى وَيَأْخُذ بقلب الْكَبِير مِنْهُم وَالصَّغِير وَالْمُسلم وَالذِّمِّيّ وَكَانَ يكره صَلَاح الدّين ابْن الْبُرْهَان ويكرمه وَيبغض ابْن الْأَكْفَانِيِّ ويعظمه ويحفظ بِكُل طَرِيق لِسَانه ويتقصد ذكر المحاسن والتعامي من المعائب وَله الْفَضِيلَة الوافرة فِي الطِّبّ علما وَعَملا والخوض فِي الحكميات والمشاركة فِي الْهَيْئَة والنجامة كل هَذَا إِلَى حسن الْعقل المعيشي ومصاحبة النَّاس على الْجَمِيل وَكَانَ لَا يعود مَرِيضا إِلَّا من ذَوي السُّلْطَان وَلَا يَأْتِيهِ فِي الْغَالِب إِلَّا مرّة وَاحِدَة ثمَّ يُقرر عِنْده طَبِيبا يكون يعودهُ ويأتيه بأخباره ثمَّ إِذا برأَ ذَلِك الْمَرِيض اسْتوْجبَ عَلَيْهِ جمال الدّين مَا يستوجبه مثله فَإِذا خلع عَلَيْهِ أَو أنعم عَلَيْهِ بِشَيْء دخل إِلَى السُّلْطَان وَقبل الأَرْض لَدَيْهِ فيحيط علما بِمَا وصل إِلَيْهِ وَسَأَلته يَوْمًا عَن السُّلْطَان وَكَانَ قد تغير مزاجه فَقَالَ وَالله مَا نقدر نصف لَهُ إِلَّا مَا يبْدَأ هُوَ بِذكرِهِ ونلاطفه ملاطفة وَمَا نقدر نتمكن من مداواته على مَا يجب وَهُوَ وَالله أعرف منا فِيهِ صَلَاح مزاجه وَقَالَ لي أَيْضا وَكَانَ قد عرض لي دوار صفراوي كدت أهلك مِنْهُ فوصف لي السديد الدمياطي وَفرج الله ابْن صَغِير وَابْن الْبُرْهَان أَنْوَاع المعالجات وَلم يفد وَكَانَ أقربها إِلَى النَّفْع مَا وَصفه فرج الله قَالَ أسخن مَاء كاوياً واربط رجليك على الْمفصل ربائط بأنشوطة ثمَّ ضع رجليك فِي المَاء وَحَال مَا تضعهما تحل الأنشوطة بِسُرْعَة وتصبر على المَاء إِلَى أَن يفتر ثمَّ أخرج رجليك ونشفهما وادهنهما بدهن بنفسج فَكنت أفعل ذَلِك فأجد بِهِ خفاً وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>