إِلَى أَكثر من ذَلِك مَعَ جبروت الشجاعي وعتوه وتمكنه من السُّلْطَان وَكَانَ لَهُ شعر حسن من ذَلِك مَا كتبه إِلَى السراج الْوراق يعزيه عَن حمَار سقط فِي بِئْر فنفق من أَبْيَات الْكَامِل
(يفديك جحشك إِذْ مضى متردياً ... وبتالد يفْدي الأديب وطارف)
(عدم الشّعير فَلم يجده وَلَا رأى ... تبناً وَرَاح من الظما كالتالف)
(وَرَأى البويرة غير جَاف مَاؤُهَا ... فَرمى حشاشة نَفسه لمخاوف)
(فَهُوَ الشَّهِيد لكم بوافر فَضلكُمْ ... هذي المكارم لَا حمامة خاطف)
(قوم يَمُوت حمارهم عطشا لقد ... ازروا بحاتم فِي الزَّمَان السالف)
قَوْله لَا حمامة خاطف أَشَارَ إِلَى أَبْيَات ابْن عنين الَّتِي مدح الإِمَام فَخر الدّين الرَّازِيّ وَقد جَاءَت حمامة فَدخلت حجره هربا من جارح كَانَ خلفهَا وَسَيَأْتِي ذَلِك فِي تَرْجَمَة فَخر الدّين الرَّازِيّ وأجابه الْوراق بقصيدة على وَزنهَا فِي غَايَة الْحسن مَوْجُودَة فِي ديوانه أَولهَا الْكَامِل
(أدنت قطوف ثمارها للقاطف ... وثنت بِأَنْفَاسِ النسيم معاطفي)
مِنْهَا فِيمَا يتَعَلَّق بِذكر الْحمار الْكَامِل
(وَلكم بَكَيْت عَلَيْهِ عِنْد مرابع ... ومراتع رَشَّتْ بدمعي الذارف)
(يُمْسِي على عسرى ويسرى صَابِرًا ... بمعارف تلهيه دون معالف)
(وَقد اسْتمرّ على القناعة يَقْتَدِي ... بِي وَهِي فِي ذَا الْوَقْت جلّ وظائفي)
(وَدعَاهُ للبئر الصدى فَأَجَابَهُ ... واعتاقه صرف الْحمام الآزف)
(وَهُوَ المدل بألفة طَالَتْ وَمَا ... أنسى حُقُوق مرابعي ومآلفي)
(وموافقي فِي كل مَا حاولته ... فِي الدَّهْر غير مواقفي ومخالفي)
(دوران سَاقيه لطاحون لنقل المَاء فِي شات وَيَوْم صَائِف)
(لَكِن بِمَاء الْبِئْر رَاح بنقله ... قتلته شامات بِمَوْت جارف)
وَمِمَّا ينْسب إِلَى الصاحب تَاج الدّين الطَّوِيل)
(توهم واشينا بلَيْل مزارنا ... فجَاء ليسعى بَيْننَا بالتباعد)
(فعانقته حَتَّى اتخذنا تلازماً ... فَلم ير واشينا سوى فَرد وَاحِد)
ونظم يَوْمًا الصاحب تَاج الدّين الطَّوِيل
(توافى الْجمال الفائزي وَأَنه ... لخير صديق كَانَ فِي زمن الْعسر)
وَأمر السراج الْوراق بإجازته فَقَالَ الطَّوِيل
(فيا رب عَامله بالطافك الَّتِي ... يكون بهَا فِي الفائزين لَدَى الْحَشْر)
وَبعث الصاحب إِلَى السراج وَقد ولد لَهُ ولد صلَة وَثلثا حريرياً وَكتب مَعَ ذَلِك أبياتا خَمْسَة