وَقصد الطَّهَارَة وعَلى بَابهَا خَادِم لَهُ أكيال وَهُوَ مرصد لمن يدْخل يناوله كيل مَاء للاستنجاء فَدخل على عَادَة الْبِلَاد وَلم يعلم بالأكيال فَلَمَّا تقدم إِلَى الدُّخُول إِلَى بَيت الْخَلَاء صَاحب بِهِ ذَلِك الْخَادِم وَقَالَ قف خُذ الْكَيْل فَقَالَ أَنا أخرأ جزَافا فبلغت الْحِكَايَة صَاحب الْموصل فَقَالَ هَذَا مطبوع وَطلب أَبَا جلنك ونادمه وَأَخْبرنِي من لَفظه القَاضِي جمال الدّين بن سُلَيْمَان بن رين قل لازمنا مُدَّة وَكَانَ ينتبه نصفا من اللَّيْل فيكرر على محافظيه وَمِنْهَا مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب ثمَّ يشبب ويزمزم فَإِذا أصبح تَوَضَّأ وَصلى الصُّبْح وأنشدني قَالَ أَنْشدني من لَفظه لغزاً فِي مَسْعُود
(اسْم الَّذِي أهواه فِي حُرُوفه ... مَسْأَلَة فِي طيها مسَائِل)
(خمساه فعل وَهُوَ فِي تصحيفه ... مُبين وَالْعَكْس سم قَاتل)
(تضيء عبد الْعَصْر إِن جِئْت بِهِ ... مكرراً من عكسك الْمنَازل)
(وَهُوَ إِذا صحفته مكرراً ... فَاكِهَة يلتذ مِنْهَا الْآكِل)
(وَهُوَ إِذا صحفته جَمِيعه ... وصف امْرِئ يعجب مِنْهُ الْعَاقِل)
(وَفِيه طيب مطرب وطالما ... هَاجَتْ على أَمْثَاله البلابل)
قلت لغز جيد ومقاصد حَسَنَة إِلَّا أَن فِي قَوْله وَهُوَ إِذا صحفته جَمِيعه الْبَيْت تسامحاً لِأَن المشعبذ لَا يُقَال فِيهِ مشعوذ لِأَن الشعبذة بِالْبَاء لَا بِالْوَاو وأنشدت لَهُ مضمناً فِي أقطع وَهُوَ فِي غَايَة الْحسن
(وَبِي أقطع مَا زَالَ يسخو بِمَالِه ... وَمن جوده مَا رد فِي النَّاس سَائل)
(تناهت يَدَاهُ فاستطال عطاؤها ... وَعند التناهي يقصر المتطاول)
وَقَالَ الشَّيْخ يحيى الخباز فِيمَا عبد إنَّهُمَا لَهُ وأنشدني العلاّمة أثير الدّين أَبُو حَيَّان من لَفظه قَالَ أنشدنا الْعَلامَة عَلَاء الدّين عَليّ بن عبد الْملك بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الْحلَبِي قَالَ أنشدنا أَبُو جلنك لنَفسِهِ
(أَتَى العذار بِمَاذَا أَنْت تعتذر ... وَأَنت كالوجد لَا تبقي وَلَا تذر)
(لَا عذر يقبل إِن نم العذار لوا ... ينجيك من خَوفه بَأْس وَلَا حذر)
(كأنني بوحوش الشّعْر قد أنست ... بوجنتيك وبالعشاق قد نفروا)
(وَكلما مر بِي مرد أَقُول لَهُم ... قفوا نظرُوا وَجهه هَذَا الْحر واعتبروا)