الْحَيَوَان فِي الدُّنْيَا كرة بعد كرة وَصُورَة بعد أُخْرَى مَا دَامَت مَعَه ذنُوبه وطاعاته وَهَذَا عين القَوْل بالتناسخ
الثَّالِثَة حملهما كل مَا ورد فِي الْخَبَر من رُؤْيَة الْبَارِي على رُؤْيَة الْعقل الأول الَّذِي هُوَ أول مبدع وَهُوَ الْعقل الفعال الَّذِي تفيض مِنْهُ الصُّور على الموجودات وإياه عني النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقوله أول مَا خلق الله تَعَالَى الْعقل فَقَالَ لَهُ أقبل فَأقبل ثمَّ قَالَ لَهُ أدبر فَأَدْبَرَ فَقَالَ وَعِزَّتِي وَجَلَالِي مَا خلقت خلقا أحسن مِنْك بك أعز وَبِك أذلّ وَبِك أعطي وَبِك أمنع فَهُوَ الَّذِي يظْهر يَوْم الْقِيَامَة وترتفع الْحجب بَينه وَبَين الصُّور الَّتِي فاضت مِنْهُ فيرونه كَمثل الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر فَأَما واهب الْعقل فَلَا يرى الْبَتَّةَ وَقَالَ أَحْمد بن حَائِط إِن كل نوع من أَنْوَاع الْحَيَوَانَات أمة على حيالها لقَوْله تَعَالَى وَلَا طَائِر يطير بجناحيه إِلَّا أُمَم أمثالكم وَفِي كل أمةٍ رَسُول من نوعها لقَوْله تَعَالَى وَإِن من أمة إِلَّا خلا فِيهَا نَذِير وَلَهُمَا طَريقَة أُخْرَى فِي التناسخ وكأنهما مزجا كَلَام التناسخية الفلاسفة والمعتزلة بعضه بِبَعْض
وَكَانَ فِي زمانهما أَحْمد بن أَيُّوب بن مانوس وَهُوَ أَيْضا من تلامذة النظام قَالَ مثل مَا قَالَ ابْن حَائِط فِي التناسخ وَخلق الْبَريَّة دفْعَة إِلَّا أَنه زَاد على ذَلِك وَقد تقدم ذَلِك فِي ذكر اسْمه نسْأَل الله تَعَالَى السَّلامَة والعصمة من هَذِه الأضاليل والنجاة من هَذِه الأباطيل