للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حمدَان وحظي عِنْده ثمَّ فَارقه وَدخل مصر سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَثَلَاث مائَة ومدح كافوراً الإخشيدي وَكَانَ يقف بَين يَدَيْهِ وَفِي رجلَيْهِ خفان وَفِي وَسطه سيف ومنطقة ثمَّ يركب بحاجبين من مماليكه وهما بِالسُّيُوفِ والمناطق وَلما لم يرضه هجاه وفارقه لَيْلَة عيد النَّحْر سنة خمسين وَثَلَاث مائَة وَوجه كافور الإخشيدي خَلفه رواحل إِلَى جِهَات شَتَّى فلمخ يلْحق وَكَانَ كافور وعده بِولَايَة بعض أَعماله فَلَمَّا رأى تعاطيه فِي شعره وسموه بِنَفسِهِ خافه وَعُوتِبَ فِيهِ فَقَالَ يَا قوم من ادّعى النُّبُوَّة بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أما يَدعِي المملكة مَعَ كافور فحسبكم وَكَانَ لسيف الدولة مجْلِس يحضرهُ الْعلمَاء فِي لَيْلَة النَّحْر فيتكلمون بِحَضْرَتِهِ فَوَقع بَين المتنبي وَبَين ابْن خالويه كَلَام فَوَثَبَ ابْن خالويه على المتنبي فَضَربهُ فِي وَجهه بمفتاح فَشَجَّهُ وَخرج وَدَمه يسيل وَغَضب وَخرج إِلَى مصر وَلما فَارق مصر قصد بِلَاد فَارس ومدح عضد الدولة ابْن بويه فأجزل جائزته وَرجع من عِنْده قَاصِدا بغداذ ثمَّ إِلَى الْكُوفَة فِي شعْبَان لثمان خلون مِنْهُ فَعرض لَهُ فاتك بن أبي جهل الْأَسدي فِي عدَّة من أَصْحَابه وَكَانَ مَعَ المتنبي جمَاعَة أَيْضا فَقتل المتنبي وَابْنه محسد وَغُلَامه مُفْلِح بِالْقربِ من النعمانية بمَكَان يُقَال لَهُ الصافية وَقيل عِنْد دير العاقول ذكر ابْن رَشِيق فِي الْعُمْدَة لما فر أَبُو الطّيب حِين رأى الْغَلَبَة قَالَ لَهُ غُلَامه لَا يتحدث النَّاس عَنْك بالفرار أبدا وَأَنت الْقَائِل

(فالخيل وَاللَّيْل والبيداء تعرفنِي ... وَالسيف وَالرمْح والقرطاس والقلم)

فكر رَاجعا وَقتل سنة أَربع وَخمسين وَثَلَاث مائَة لست بَقينَ من شهر رَمَضَان وَقيل غير ذَلِك من شهر رَمَضَان وَيُقَال إِن أَبَا عَليّ الْفَارِسِي قَالَ لَهُ يَوْمًا كم لنا من الجموع على وزن فعلى فَقَالَ المتنبي فِي الْحَال حجلي وظربي فَقَالَ أَبُو عَليّ فطالعت كتب اللُّغَة ثَلَاث لَيَال عَليّ أَنا أجد لهذين الجمعين ثَالِثا فَلم أجد وحسبك من يَقُول أَبُو عَليّ فِي حَقه هَذِه الْمقَالة)

وحجلى جمع حجل وَهُوَ الطَّائِر الْمَعْرُوف وظربى جمع ظربان على وزن قطران وَهِي دويبة مُنْتِنَة الرَّائِحَة وَكَانَ الشَّيْخ تَاج الدّين الْكِنْدِيّ يروي لَهُ بَيْتَيْنِ لَا يوجدان بديوانه وهما

(أبعين مفتقر إِلَيْك نظرتني ... فأهنتني وقذفتني من حالق)

(لست الملوم أَنا الملوم لأنني ... أنزلت آمالي بِغَيْر الْخَالِق)

وَالصَّحِيح أَنَّهُمَا لأبي الْفرج صَاحب الأغاني وَلما كَانَ بِمصْر كَانَ لَهُ صديق يَغْشَاهُ فِي علته فَلَمَّا أبل انْقَطع عَنهُ فَكتب إِلَيْهِ وصلتني وصلك الله مُعْتَلًّا وقطعتني مبلاً فَإِن رَأَيْت أَن لَا تحبب الْعلَّة إِلَيّ وَلَا تكدر الصِّحَّة عَليّ فعلت إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَقَالَ النامي الشَّاعِر كَانَ قد بَقِي من الشّعْر زَاوِيَة دَخلهَا المتنبي وَكنت أشتهي أَن أكون قد سبقته إِلَى مَعْنيين قالهما مَا سبق إِلَيْهِمَا أَحدهمَا

(رماني الدَّهْر بالأرزاء حَتَّى ... فُؤَادِي فِي غشاء من نبال)

<<  <  ج: ص:  >  >>