كلهَا ويؤديها منم أَولهَا إِلَى آخرهَا لَا يخرم حرفا وَينظر فِي الْأَرْبَعَة والخمسة الأوراق من)
كتاب لم يعرفهُ وَلَا رَآهُ نظرة وَاحِدَة خَفِيفَة ثمَّ يهذها عَن ظهر قلبه هَذَا ويردها سرداً وَهَذِه حَاله فِي الْكتب الْوَارِدَة وَغَيرهَا وَكَانَ يقترح عَلَيْهِ عمل قصيدة وإنشاء رِسَالَة فِي معنى بديع وَبَاب غَرِيب فيفرغ مِنْهَا فِي الْوَقْت والساعة وَكَانَ رُبمَا كتب الكاب المقترح عَلَيْهِ فيبتدئ بِآخِرهِ وهلم جراً إِلَى أَوله ويخرجه كأحسن شَيْء وأملحه ويوشح القصيدة الفريدة من قيله بالرسالة الشَّرِيفَة من إنشائه فَيقْرَأ من النّظم النثر ويروي من النثر النّظم وَيُعْطِي القوافي الْكَثِيرَة فيصل بهَا الأبيات الرشيقة ويقترح عَلَيْهِ كل عويص وعسير من النّظم والنثر فيرتجله أسْرع من الطّرف على ريق لَا يبلعه ونفسٍ لَا يقطعهُ وَكَلَامه كُله عَفْو السَّاعَة وفيض الْيَد ومسارقة الْقَلَم ومسابقة الْيَد للفم وَكَانَ يترجم مَا يقترح عَلَيْهِ من الأبيات الفارسية الْمُشْتَملَة على الْمعَانِي الغريبة بالأبيات الْعَرَبيَّة فَيجمع فِيهَا بَين الإبداع والإسراع إِلَى عجائب كَثِيرَة لَا تحصى ولطائف تطول أَن تستقصى وَكَانَ مَعَ ذَلِك مَقْبُول الصُّورَة حسن الْعشْرَة فَارق همذان سنة ثَمَانِينَ وَثَلَاث مائَة وَورد حَضْرَة الصحاب ابْن عباد فتزود من ثمارها وَحسن آثارها ثمَّ قدم جرجان وَأقَام بهَا مُدَّة على مداخلة الإسماعيلية والتعيش فِي أَكْنَافهم واختص بالدهخداه أبي سعيد مُحَمَّد بن مَنْصُور ونفقت بضاعته لَدَيْهِ وَورد إِلَى نيسابور وَنشر بهَا بزه وَأظْهر طرزه وأملى أَربع مائَة مقامة نحلهَا أَبَا الْفَتْح الإسكندري فِي الكدية وَغَيرهَا وَشَجر بَينه وَبَين أبي بكر الْخَوَارِزْمِيّ مَا كَانَ سَببا لهبوب ريح الهمذاني وعلو أمره وَقد أورد مِمَّا جرى بَينهمَا جملَة فِي كتاب مُعْجم الأدباء لياقوت مِنْهَا قَالَ جمع السَّيِّد نقيب السِّيَادَة بنيسابور أَبُو عَليّ بنيهما فَترفع الْخَوَارِزْمِيّ فَبعث إِلَيْهِ السَّيِّد مركوبه فَحَضَرَ مَعَ جمَاعَة من تلاميذه فَقَالَ لَهُ البديع إِنَّمَا دعوناك لتملأ الْمجْلس فَوَائِد وتذكر الأبيات الشوارد والأمثال الفوارد ونناجيك فنسعد بِمَا عنْدك وتسألنا فتسر بِمَا عندنَا ونبدأ بالفن الَّذِي ملكت زمامه وطار بِهِ صيتك وَهُوَ الْحِفْظ إِن شِئْت وَالنّظم إِن أردْت والنثر إِن اخْتَرْت والبديهة إِن نشطت فَهَذِهِ دعواك الَّتِي تملأ مِنْهَا فَاك قَالَ فأحجم الْخَوَارِزْمِيّ عَن الْحِفْظ لكبر سنه وَلم يجل فِي النثر قداحاً وَقَالَ أبادهك فَقَالَ البديع الْأَمر أَمرك يَا أستاذ فَقَالَ لَهُ الْخَوَارِزْمِيّ أَقُول لَك مَا قَالَ مُوسَى للسحرة قَالَ بل ألقوا فَقَالَ البديع
(الشّعْر أصعب مذهبا ومصاعداً ... من أَن يكومن مطيعه فِي فكه)
(وَالنّظم بَحر والخواطر معبر ... فَانْظُر إِلَى بَحر القريض وفلكه)
)
(فَمَتَى تراني فِي القريض مقصراً ... عرضت أذن الامتحان لعركه)
وَهِي أَبْيَات كَثِيرَة فِيهَا مدح الشريف والمفاخرة وتهجين الْخَوَارِزْمِيّ فَقَالَ الْخَوَارِزْمِيّ أبياتاً وَلَكِن مَا أبرزها من الغلاف فَقَالَ البديع أما تَسْتَحي أَن يكون السنور أَعقل مِنْك لِأَنَّهُ يجعر فيغطيه بِالتُّرَابِ فَقَالَ لَهما الشريف انسجا على منوال المتنبي أرقٌ على أرقٍ ومثلي يأرق
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute