بالكشف ويرجو أَن يتكمل بالتوقيع ويتوصل بالتأصيل والتفريع ثمَّ جهزه إِلَى الْخدمَة الْكَرِيمَة كَمَا أَمر وَمَا أخر الْجَواب هَذِه الْمدَّة إِلَّا ليجهزه مَعَه فيعذر وَمَا أَرَادَ الله ذَلِك وَمَا قدر
وَمن قَوْله أَيْضا فِي توقيع لقاض اسْمه يُوسُف لِأَنَّهُ المستوجب بهجرته إِلَيْنَا تَحْقِيق مَا نَوَاه وَأَنه يُوسُف الْفضل الَّذِي لما قدم مصر قيل لشيمنا الشَّرِيفَة أكرمي مثواه وأرته أحلامه من الْأَمَانِي مَا حوّلناه صدقا وأنجز الله تَعَالَى لَهُ مِنْهَا مَا قَالَ مَعَه هَذَا تَأْوِيل رُؤْيَايَ من قبل قد جعلهَا رَبِّي حَقًا فليعتصم من تقوى الله بأقوى حَبل وليقف عِنْد مراضيه ليجتبيه وَيتم نعْمَته عَلَيْهِ كَمَا أتمهَا على أَبَوَيْهِ من قبل وليتمسك من أَسبَاب التَّقْوَى بِمَا يكون لَهُ جنَّة ويحرص على أَن يكون الرجل الَّذِي عرف الْحق فَقضى بِهِ وَكَانَ الْمَخْصُوص من الْقُضَاة الثَّلَاثَة بِالْجنَّةِ وَيجْعَل دَاء الْهوى عَنهُ محسوماً ولحظه وَلَفظه بَين الْخُصُوم مقسوماً وَلَا يأل فِيمَا يجب من الِاجْتِهَاد إِذا اشْتبهَ عَلَيْهِ الْأَمْرَانِ وَيعلم أَنه إِن اجْتهد وَأَخْطَأ فَلهُ أجرٌ وَإِن أصَاب فَلهُ أَجْرَانِ وَصوب الصَّوَاب وَاضح لمن استشف بِنور الله برهانه وليتوكل على الله فِي قَصده ويثق فَإِن الله سيهدي قلبه وَيثبت لِسَانه وليجعل الِاعْتِصَام بِحَبل الله تَعَالَى فِي كل مَا تراود عَلَيْهِ النُّفُوس من دواعي الْهوى معَاذًا ويتبصر من برهَان ربه مَا يَتْلُو عَلَيْهِ عَن كل دَاعِيَة يُوسُف أعرض عَن هَذَا
وَكتب إِلَى محيي الدّين ابْن عبد الظَّاهِر وهم نازلون بالإسكندرية صُحْبَة السُّلْطَان الْملك الظَّاهِر يَسْتَدْعِي مِنْهُ حبرًا وورقاً
(يَا من فضائله سنت فواضله ... حَتَّى تَكَامل مِنْهُ الْخلق والخلق)
(وَمن مناقبه أَو درّ مَنْطِقه ... عقدٌ نظيمٌ بجيد الدَّهْر متسق)
(قد أعوز العَبْد يَا مولَايَ عنْدكُمْ ... كلا المعينين حَتَّى الحبر وَالْوَرق)
(فجد بذا أسوداً حظّي يشاكله ... فِي مصركم وحظوظ النَّاس تفترق)
(وَذَا كعرضك أَو كالوجه مِنْك سنا ... فكلّ ذَا أبيضٌ صَاف بكم يقق)
(وَإِن أقل كعذارٍ فَوق وجنة من ... سبى فُؤَادك مِنْهُ القدّ والعنق)
(فَذا بقلبك أحلى موقعاً وَله ... مَا زَالَ تهفو بك الأشواق والحرق)
)
(فَإِن مسودّ ذَا من فَوق أَبيض ذَا ... شيءٌ تنافس فِيهِ الصُّبْح والغسق)
فأخرّ جَوَابه فَكتب إِلَيْهِ أبياتاً بائية طَوِيلَة يداعبه فَجهز إِلَيْهِ محيي الدّين الْمَطْلُوب وَكتب جَوَابه
(يَا من معاليه مثل العقد تتسق ... وَمن ثناه كَمثل الْمسك ينتشق)
(أسْتَغْفر الله أَيْن الْمسك من مدحٍ ... تغيّظ الْمسك مِنْهَا وَهُوَ منسحق)
(يَا من لَهُ الْوَجْه طلقٌ بالسماح كَمَا ... لَهُ اللِّسَان بِمَا يُرْضِي الورى طلق)