لكفا فضلا فَغَضب المرتضى وَأمر بِهِ فسحب بِرجلِهِ وَأخرج من مَجْلِسه وَقَالَ لمن بِحَضْرَتِهِ أَتَدْرُونَ أَي شَيْء أَرَادَ الْأَعْمَى بِذكر هَذِه القصيدة فَإِن لأبي الطّيب مَا هُوَ أَجود مِنْهَا لم يذكرهَا فَقيل النَّقِيب السَّيِّد أعرف فَقَالَ أَرَادَ قَوْله فِي هَذِه القصيدة)
(وَإِذا أتتك مذمتي من ناقصٍ ... فَهِيَ الشَّهَادَة لي بِأَنِّي كَامِل)
وَلما رَجَعَ المعري لزم بَيته وسمى نَفسه رهين المحبسين يَعْنِي حبس نَفسه فِي الْمنزل وَحبس بَصَره بالعمى وَكَانَ قد رَحل أَولا إِلَى طرابلس وَكَانَت بهَا خَزَائِن كتب مَوْقُوفَة فَأخذ مِنْهَا مَا أَخذ من الْعلم واجتاز باللاذقية وَنزل ديراً كَانَ بِهِ رَاهِب لَهُ علمٌ بأقاويل الفلاسفة سمع كَلَامه فَحصل لَهُ بذلك شكوك وَالنَّاس مُخْتَلفُونَ فِي أمره وَالْأَكْثَرُونَ على إكفاره وإلحاده
أورد لَهُ الإِمَام فَخر الدّين فِي كتاب الْأَرْبَعين قَوْله
(قُلْتُمْ لنا صانعٌ قديمٌ ... قُلْنَا صَدقْتُمْ كَذَا نقُول)
(ثمَّ زعمتم بِلَا زمانٍ ... وَلَا مكانٍ أَلا فَقولُوا)
(هَذَا كلامٌ لَهُ خبيءٌ ... مَعْنَاهُ لَيْسَ لنا عقول)
ثمَّ قَالَ الإِمَام فَخر الدّين وَقد هَذَا هَذَا فِي شعره وَأما ياقوت فَقَالَ وَكَانَ مهتماً فِي دينه يرى رَأْي البراهمة لَا يرى إِفْسَاد الصُّورَة وَلَا يَأْكُل لَحْمًا وَلَا يُؤمن بالرسل وَلَا الْبَعْث والنشور
قَالَ القَاضِي أَبُو يُوسُف عبد السَّلَام الْقزْوِينِي قَالَ لي المعري لم أهج أحد قطّ فَقلت لَهُ صدقت إِلَّا الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام فَتغير لَونه أَو قَالَ وَجهه وَدخل عَلَيْهِ القَاضِي المنازي فَذكر لَهُ مَا يسمعهُ عَن النَّاس من الطعْن عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ مَا لي وَلِلنَّاسِ وَقد تركت دنياهم فَقَالَ لَهُ القَاضِي وأخراهم فَقَالَ يَا قَاضِي وأخراهم وَجعل يكررها قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ وَحدثنَا عَن أبي زَكَرِيَّا أَنه قَالَ قَالَ لي المعري مَا الَّذِي تعتقد فَقلت فِي نَفسِي الْيَوْم يبين لي اعْتِقَاده فَقلت لَهُ مَا أَنا إِلَّا شَاك فَقَالَ وَهَكَذَا شيخك وَأما الشَّيْخ شمس الدّين فَحكم بزندقته فِي تَرْجَمته لَهُ وطوّلها وَذكر لَهُ فِيهَا قبائح وأظن الْحَافِظ السلَفِي قَالَ إِنَّه تَابَ وأناب وَأما الباخرزي فَقَالَ فِي حَقه ضَرِير مَا لَهُ فِي أَنْوَاع الْأَدَب ضريب ومكفوف فِي قَمِيص الْفضل ملفوف ومحجوب خَصمه الألد محجوج قد طَال فِي ظلال الْإِسْلَام آناؤه وَلَكِن رُبمَا رشح بالإلحاد إناؤه وعندما خبر بَصَره وَالله الْعَالم ببصيرته والمطلع على سَرِيرَته وَإِنَّمَا تحدثت الألسن بإساءته لكتابه الَّذِي زَعَمُوا أَنه عَارض بِهِ الْقُرْآن وعنونه ب الْفُصُول والغايات محاذاة للسور والآيات وَأظْهر من نَفسه تِلْكَ الْخِيَانَة وجذ تِلْكَ الهوسات كَمَا يجذّ العير الصليانة حَتَّى قَالَ فِيهِ القَاضِي أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن إِسْحَاق البحاثي الزوزني قصيدة أَولهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute