الْحَافِظ صدر الدّين أَبُو طَاهِر السلَفِي الْأَصْبَهَانِيّ سمع بِبَلَدِهِ الْقَاسِم بن الْفضل بن أَحْمد الثَّقَفِيّ ومكي بن مَنْصُور بن عَلان الكرجي وَعبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن يُوسُف النضري وخلقاً كثيرا وسافر إِلَى بغداذ فِي شبابه وَسمع أَبَا الْخطاب بن البطر وَالْحُسَيْن بن عَليّ البشري وثابت بن بنْدَار الْبَقَّال وخلقاً كثيرا وَعمل معجما بشيوخ بغداذ ومعجما بالأصبهانيين وسافر للحجاز وَسمع بِمَكَّة وَالْمَدينَة والكوفة وواسط وَالْبَصْرَة وخوزستان ونهاوند وهمذان وساوة والري وقزوين وزنجان وَدخل بِلَاد أذربيجان وطافها إِلَى أَن وصل إِلَى الدربند وَكتب بِهَذِهِ الْبِلَاد عَن شيوخها وَعَاد إِلَى الجزيرة من ثغر آمد وَسمع بخلاط ونصيبين والرحبة ودمشق وَأقَام بهَا عَاميْنِ ورحل إِلَى صور وَركب مِنْهَا فِي الْبَحْر الْأَخْضَر إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة واستوطنها إِلَى الْمَوْت وَلم يخرج مِنْهَا إِلَّا مرّة وَاحِدَة إِلَى مصر وَكَانَ إِمَامًا مقرئاً مجوداً مُحدثا حَافِظًا جهبذاً فَقِيها مفنناً نحوياً ماهراً لغوياً محققاً ثِقَة فِيمَا يَنْقُلهُ حجَّة ثبتاً انْتهى إِلَيْهِ علو الْإِسْنَاد فِي الْبِلَاد وَجمع معجماً ثَالِثا لباقي)
الْبلدَانِ الَّتِي سمع بهَا سوى أَصْبَهَان وبغداذ قَالَ الزَّاهِد أَبُو عَليّ الأوقى سَمِعت السلَفِي يَقُول لي سِتُّونَ سنة مَا رَأَيْت المنارة إِلَّا من هَذِه الطَّاقَة وَقَالَ ابْن الْمفضل فِي مُعْجَمه عدَّة شُيُوخ شَيخنَا السلَفِي تزيد على سِتّ مائَة نفس بأصبهان ومشيخته البغداذية خمس وَثَلَاثُونَ جُزْءا وَقَالَ الْحَافِظ عمر بن الْحَاجِب مُعْجم السّفر للسلفي يشْتَمل على ألفي شيخ وَله تصانيف كَثِيرَة
وَلما دخل بغداذ أقبل على الْفِقْه والعربية حَتَّى برع فيهمَا وأتقن مَذْهَب الشَّافِعِي على الكيا الهراسي وعَلى الخيطب أبي زَكَرِيَّاء التبريزي وَحدث ببغداذ وَهُوَ شَاب ابْن سبع عشرَة سنة أَو أقل وَلَيْسَ فِي وَجهه شَعْرَة كالبخاري وَأول سَمَاعه سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ قَالَ محب الدّين ابْن النجار روى لي عَنهُ ببغداذ وَمَكَّة ودمشق وحلب وحماة والقدس ونابلس ومصر والقاهرة والإسكندرية أَكثر من مائَة شيخ وَأورد لَهُ
(إِن علم الحَدِيث علم الرِّجَال ... تركُوا الإبتداع لِلِاتِّبَاعِ)