(وحوى معالي فِي دمشق مُقِيمَة ... وحديثها بَين الورى قد سارا)
(بلغت بِهِ رتباً قرعن محلّةً ... أمست نُجُوم سمائها أقمار)
(زانت فضائله بَدَائِع نظمها ... كم معصمٍ أضحى يزين سوارا)
(ومظفّر الأقلام كم أردى بهَا ... ملكا وخَّوفً جحفلاً جرّارا)
(عجبا لَهَا تجْرِي بأسود فاحمٍ ... يكسو الطروس ظلامه أنوارا)
(تمْضِي بِحَيْثُ ترى السيوف كليلةً ... وتطول حَيْثُ ترى الرماح قصارا)
(تجْرِي بواحدها ثَلَاث سحائبٍ ... تحوي الصَّوَاعِق والحيا المدرارا)
(وتمدّه بِالْفَضْلِ حِين تمدّه ... ببديهةٍ لَا تتعب الأفكارا)
(إِن رام نائله العفاة أمدهَّا ... كرماً وَإِن رام الْخَمِيس مغارا)
(مَلأ الْكتاب تهدّدأً فكأنّما ... مَلأ الْكتاب أسنّةً وشفارا)
(تجني النّواظر من محَاسِن خطّه ... روضاً وَمن أَلْفَاظه أزهارا)
(خطّ رماح الخطّ من خدّامه ... إِن رام ذمراً أَو أعزّ ذمارا)
(وبلاغة تضحي بِأَدْنَى فقرةٍ ... تغني فَقِيرا أَو تقدّ فقارا)
(ويشتم روّاد النّدى من بشره ... برقاً وَمن إحسانه أمطارا)
(بشر يبشّر بالجميل وَعَادَة ال ... أزهار أَن تتقدّم الأثمارا)
(وندىً يعمّ وَلَا يخصّ كَأَنَّهُ ... هامي قطارٍ طبّق الأقطارا)
(يستصغر الْأَمر الْعَظِيم إِذا عرا ... بعزيمةٍ تستهل الأوعارا)
(ويردّ غرب الحادثات مفلَّلاً ... بسعادة تستخدم الأقدارا)
(كم ذلّلت صعباً وردّت ذَاهِبًا ... وحمت أذلَّ وذلًّلت جبّارا)
)
(وَلَقَد عرفت النَّاس من أوطارهم ... سُبْحَانَ من خلق الورى أطوارا)
(يَا من عرفت بجوده وَجه الْغنى ... حَقًا وَكنت جهلته إنكارا)
(أغنيتني بمواهبٍ موصولةٍ ... لم تبْق لي عِنْد الْحَوَادِث ثارا)
(لازلت فِي عزٍّ يَدُوم ونعمةٍ ... توفّي على شمّ الْجبَال وقارا)
وَكَانَ قد غَابَ مُدَّة عَن دمشق فِي الديار المصرية ثمَّ عَاد إِلَيْهَا فَأَقَامَ بهَا دون الشَّهْر فِي التَّعْدِيل فلّما كَانَ يَوْم الْجُمُعَة رَابِع عشر شهر ربيع الآخر سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَسَبْعمائة أصبح فِي بَيته مذبوحاً وَقد أَخذ مَا كَانَ مَعَه من الحطام وقلّ مَا كَانَ مَعَه وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى ثلبةً للأعراض لَا يكفّ غرب لِسَانه عَن أحد فِي الشرق وَلَا فِي الغرب وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ بدر الدن حسن بن عَليّ الْغَزِّي