وعيّي بَين أبيناء وَقَالَ الثعالبي فِي الذرْوَة الْعليا من الْفضل وَالْأَدب والبلاغة وَالشعر وَكَانَ فِي ريعان شبابه مُتَّصِلا بِابْن العميد مُخْتَصًّا بِهِ وَفِيه يَقُول
(لَا يعجبنّك حسن الْقصر تنزله ... فَضِيلَة الشَّمْس لَيست فِي منازلها)
(لَو زيدت الشَّمْس فِي أبراجها مائَة ... مَا زَاد ذَلِك شَيْئا فِي فضائلها)
ثمَّ تنقلت بِهِ أَحْوَال جليلة فِي خدمَة بني بويه والاختصاص ببهاء الدولة وَعظم شَأْنه وارتفع مِقْدَاره عَن خدمَة الصاحب وَلم ير نَفسه دونه وَلم يخل من نَوَائِب الدَّهْر حَتَّى قَالَ ماهو متنازع بَينه وَبَين نفر من الْفُضَلَاء
(من عذيري من حادثات الزَّمَان ... وجفاء الإخوان والخلاّن)
قَالَ وَله قصيدة فِي عميد الْملك تفنّن فِيهَا وهنأه بِاتِّفَاق الْأَضْحَى والمهرجان فِي يَوْم وشكا سوء الْهَرم وبلوغه إِلَى أرذل الْعُمر
(قل للعميد عميد الْملك وَالْأَدب ... اِسْعَدْ بعيديك عيد الْفرس وَالْعرب)
(هَذَا يُشِير بِشرب ابْن الْغَمَام ضحى ... وَذَا يُشِير عشيّاً بِابْنِهِ الْعِنَب)
)
(خلائق خيّرت فِي كلّ صاحةٍ ... فَلَو دَعَاهَا لغير الْخَيْر لم تجب)
(أعدت شرخ شبابٍ لست أذكرهُ ... بعدا وزدت علّي الْعُمر من كثب)
(فطاب لي هرمي والعمر يلحظني ... لحظ الْمُرِيب وَلَوْلَا أَنْت لم يطب)
(فَإِن تمرس بِي خصم تعصّب لي ... وَإِن أَسَاءَ إليّ الدَّهْر أحسن بِي)
(وَقد بلغت إِلَى أقْصَى مدى عمري ... وكلّ غربي واستأنست بالنوب)
(إِذا تملأت من غيظٍ على زمني ... وجدتني نافخاً فِي جذوة اللهب)
وَكَانَ مسكويه مجوسياً وَأسلم وَكَانَ عَارِفًا بعلوم الْأَوَائِل وَلابْن مسكويه كتاب الْفَوْز الْأَكْبَر وَكتاب الْفَوْز الْأَصْغَر وصنّف فِي التَّارِيخ كتاب تجارب الْأُمَم ابتدأه من بعد الطوفان إِلَى سنة تسع وَسِتِّينَ وثلاثمائة وَله كتاب أنس الفريد وَهُوَ مَجْمُوع يتَضَمَّن أَخْبَارًا وأشعاراً مختارة وَحكما وأمثالاً غير مبوب وَكتاب تَرْتِيب الْعَادَات وَكتاب الْمُسْتَوْفى أشعار مختارة وَكتاب الْجَامِع وَكتاب جاوذان خرد وَكتاب السّير ذكر مَا يسيّر بِهِ الرجل نَفسه من أُمُور دُنْيَاهُ مزجه بالأثر وَالْآيَة وَالْحكمَة وَالشعر وَكَانَ ابْن العميد اتَّخذهُ خَازِنًا لكتبه
وللبديع الهمذاني إِلَيْهِ رِسَالَة أجابها ابْن مسكويه وذكرهما ياقوت فِي تَرْجَمَة ابْن مسكويه فِي مُعْجم الأدباء وَلابْن مسكويه عهد وَهَذَا نَصه هَذَا مَا عَاهَدَ عَلَيْهِ أَحْمد بن مُحَمَّد وَهُوَ يَوْمئِذٍ آمن فِي سربه معافًى فِي جِسْمه عِنْده قوت يَوْمه لَا يَدْعُو إِلَى هَذِه المعاهدة ضَرُورَة نفس وَلَا بدن وَلَا يُرِيد بهَا مراءاة مَخْلُوق وَلَا استجلاب مَنْفَعَة وَلَا دفع مضرَّة عَاهَدَ على أَن يُجَاهد