(لَهُ هزة من أريحية نَفسه ... تكَاد لَهَا الأَرْض الجديبة تعشب)
(تجَاوز غايات الْعُقُول مواهبا ... تكَاد لَهَا لَوْلَا العيان تكذب)
)
(خلائق لَو يلقى زِيَاد مثالها ... إِذا لم يقل أَي الرِّجَال الْمُهَذّب)
(عجبت لَهُ لم يزه تيهاً بِنَفسِهِ ... وَنحن بِهِ نختال زهواً ونعجب)
وَهُوَ من بَيت رئاسة وَعلم عِنْده كتب كَثِيرَة وأصول جَيِّدَة سمع وَقَرَأَ وارتحل وَكتب وصنف وَحدث وَأَجَازَ وَتفرد بِالْحَدِيثِ فِي وقته أجَاز لَهُ النجيب عبد اللَّطِيف وكناه أَبَا الْفَتْح وَأَجْلسهُ فِي حجره وَسمع حضوراً سنة خمس وَسبعين من القَاضِي شمس الدّين مُحَمَّد بن الْعِمَاد وَفِي سنة خمس وَثَمَانِينَ كتب الحَدِيث بِخَطِّهِ عَن الشَّيْخ قطب الدّين ابْن الْقُسْطَلَانِيّ وقرأه بِلَفْظِهِ عَلَيْهِ وعَلى اصحاب ابْن طبرزد وَأَصْحَاب الْكِنْدِيّ وَابْن الحرستاني بِمصْر وَالشَّام والحجاز والاسكندرية وارتحل إِلَى دمشق سنة تسعين وَكَاد يدْرك الْفَخر ابْن الفخاري ففاته بليلتين وَسمع من أبي عبد الله مُحَمَّد بن مُؤمن الصُّورِي وَمن أبي الْفَتْح ابْن المجاور وَأبي اسحاق ابْن الوَاسِطِيّ وطبقتهم وَسمع بِمصْر من الْعِزّ عبد الْعَزِيز بن الصيقل وغازي الحلاوي وَابْن خطيب المزة والصفي خَلِيل وَتلك الطَّبَقَة وتنزل فِي الْأَخْذ من أَصْحَاب سبط السلَفِي ثمَّ إِلَى أَصْحَاب الرشيد الْعَطَّار قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَلَعَلَّ مشيخته يقاربون الْألف وَنسخ بِخَطِّهِ وَاخْتَارَ وانتقى شَيْئا كثيرا ولازم الشَّهَادَة مُدَّة قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين جالسته مَرَّات وَبت مَعَه لَيْلَة وَسمعت بقرَاءَته على الرضى النَّحْوِيّ وَكَانَ طيب الْأَخْلَاق بساماً صَاحب دعابة وَلعب وَكَانَ صَدُوقًا فِي الحَدِيث حجَّة فِيمَا يَنْقُلهُ لَهُ بصر نَافِذ بالفن وخبرة بِالرِّجَالِ وطبقاتهم وَمَعْرِفَة بالاختلاف وَيَد طولى فِي علم اللِّسَان ومحاسنه جمة انْتهى كَلَام الشَّيْخ شمس الدّين قلت صحبته زَمَانا طَويلا ودهراً داهراً ونمت مَعَه ليَالِي وخالطته أَيَّامًا وأقمت بالظاهرية وَهُوَ بهَا شيخ الحَدِيث قَرِيبا من سنتَيْن فَكنت أرَاهُ فِي كثير من الْأَوْقَات يُصَلِّي كل صَلَاة مَرَّات كَثِيرَة فَسَأَلته يَوْمًا عَن ذَلِك فَقَالَ إِنَّه خطر لي يَوْمًا أَن أُصَلِّي كل صَلَاة مرَّتَيْنِ فَفعلت ذَلِك زَمَانا ثمَّ خطر لي أَن أُصَلِّي كل صَلَاة ثَلَاث مَرَّات فَفعلت ذَلِك زَمَانا وخف عَليّ ثمَّ خطر لي أَن أُصَلِّي كل صَلَاة أَربع مَرَّات فَفعلت ذَلِك زَمَانا وخف عَليّ فعله وأنسيت هَل قَالَ لي خمس مَرَّات أَو لَا وَكَانَ صَحِيح الْقِرَاءَة سريعها كَأَنَّهَا السَّيْل إِذا تحدر سريع الْكِتَابَة كتب ختمة فِي جُمُعَة وَكَانَ يكْتب السِّيرَة الَّتِي لَهُ فِي عشْرين يَوْمًا وَهِي مجلدان كبيران وَكَانَ صَحِيح العقيدة جيد الذِّهْن يفهم بِهِ النكت الْعَقْلِيَّة ويسارع إِلَيْهَا وَلكنه جمد ذهنه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute