رَحل إِلَى الصاحب ابْن عباد ونال مِنْهُ عَاد وَأقَام بِحَضْرَة سُلْطَانه فِي جلة الْكتاب ووجوه الْعمَّال من أخص الجلساء لَا يكَاد تَخْلُو مِنْهُ مجَالِس أنسه تقترح عَلَيْهِ الْمعَانِي البديعة فيكمل لَهَا ويعلقها فِي الْوَقْت والساعة بَين يَدَيْهِ ويعرضها عَلَيْهِ جرى لَيْلَة ذكر البديع الهمذاني وَأَنه كَانَ يكْتب الرقعة من الآخر إِلَى الأول واقترح عَلَيْهِ معنى من الْمعَانِي وَقد أخذت الكأس مِنْهُ وَفرغ من ذَلِك فِي أسْرع وَقت وأتى بِهِ من أحسن شَيْء وَمن كَلَامه طبع كرمه أغلب من أَن يحْتَاج إِلَى هزّ وحسام فَضله أقطع من أَن يهز لّحز
وَمِنْه أما إِنِّي لَا أرْضى من كرمه العدّ أَن يجّر أولياءه على شوك الرّدّ فبحقّ مجده الْمَحْض الَّذِي فاق بِهِ أهل الأَرْض أَن يرفع عَن حَاجَتي قناع الخجل وَلَا يقبر أملي فِيهَا قبل حُلُول الْأَجَل وَهَذَا قسم أَرْجُو أَن يصونه عَن الْحِنْث وعهد أَظن بِرَأْيهِ لَا يعرضه للنكث وَقَالَ فِي أبي الْفَتْح البستي
(نسب كريم فَاضل أنسى بِهِ ... من كَانَ مُعْتَمدًا أنسابه)
(قد كنت فِي نوب الزَّمَان وَصَرفه ... إّذ عضني صرف الزَّمَان بنابه)
(فاليوم جانبت الْحَوَادِث جَانِبي ... إِذْ قد نسب إِلَى كريم جنابه)
وَقَالَ
(جمعت إِلَى العلى شرف الأبوّه ... وحزت إِلَى النّدى فضل المروّة)
(أَتَيْتُك خَادِمًا فَرفعت قدري ... إِلَى حَال الصداقة والأخوّه)
(فَمَا شبّهتني إِلَّا بمُوسَى ... أَتَى نَارا فشرّف بالنّبوه)
وَقَالَ أسمعت يَا مولَايَ دهري بعد بعْدك مَا صنع
(أخنى علّي بصرفه ... فَرَأَيْت هول المطّلع)
وَقَالَ
(لَئِن بخلت بإسعادي سعاد ... فَإِنِّي بالفؤاد لَهَا جواد)
)
(وَإِن نفد اصْطِبَارِي فِي هَواهَا ... فدمع الْعين لَيْسَ لَهُ نفاد)
(أرى ثلجاً بوجنتها وَنَارًا ... لتِلْك النَّار فِي قلبِي اتّقاد)
(فَهَب من نارها كَانَ احتراقي ... فلّم بالثلج مَا برد الْفُؤَاد)
وَقَالَ فِي أبي الْحُسَيْن السهلي
(يَا أَحْمد بن مُحَمَّد يَا خير من ... ولي الوزارة عِنْد خير ولاتها)
(مَا دَامَت الْأَيَّام فِي الغفلات عَن ... عرصات مجدك فاغتنم غفلاتها)
قلت شعر متوسط