(لي صَاحب يتَمَنَّى لي الرِّضَا أبدا ... كَأَنَّمَا يختشي صدى وهجراني)
(ويغلب النّظم ألفاظاً يفوه بهَا ... فَمَا يكلمني إِلَّا بميزان)
وَكتب بالمغربي طبقَة كَمَا كتب بالمشرقي وَكَانَت بيني وَبَينه مكاتبات كَثِيرَة نظماً ونثراً يضيق عَنْهَا هَذَا الْمَكَان لَكِن أورد مِنْهَا شَيْئا وَهُوَ مَا كتبه إِلَيّ وَأَنا بصفد سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة الطَّوِيل
(سررتم فَإِنِّي بعدكم غير مسرور ... وَكم لي على الأطلاق وَقْفَة مهجور)
(وَلَا حس إِلَّا حس صائحة الصدى ... وَلَا أنس إِلَّا أنس عيس ويعفور)
(فيا وحدة الدَّاعِي صداه جَوَابه ... وَيَا وَحْشَة السَّاعِي إِلَى غير معمور)
(إِذا قلت سيري قَالَ سيري محاكياً ... وَإِن قلت زوري قَالَ مثلي لَهَا زوري)
(وَمَا سرني بِالْقربِ إِنِّي استزرتها ... وَلَا سَاءَنِي بالبعد قولي لَهَا سيري)
(فيا وَيْح قلبِي كم يعلله المنى ... علالة دنيا استعبدت كل مغرور)
(تواصل وصل الطيف فِي سنة الْكرَى ... وَلست إِذا استيقظت مِنْهُ بمحبور)
(وتدنو دنو الْآل لَا ينقع الصدى ... وتخلب آمالاً بخلبها الزُّور)
(تنيل المنى من سالمته خديعة ... وَتعقب من نيل المنى كل مَحْذُور)
(فدعها وثق بِاللَّه فَالله كافل ... برزقك مَا أبقاك وَأَرْض بمقدور)
(وَكن شاكراً يسرا وبالعسر رَاضِيا ... فأجر الرضى وَالشُّكْر أفضل مذخور)
فَكتبت إِلَيْهِ الْجَواب عَن ذَلِك الطَّوِيل
(هَل الْبَرْق قد وشى مطارف ديجور ... أَو الصُّبْح قد غشي دجى الْأُفق بِالنورِ)
(وَهل نسمَة الأسحار جرت ذيولها ... على زهر روض طيب النشر مَمْطُور)
(وهيهات بل جَاءَت تَحِيَّة جيرة ... إِلَى مغرم فِي قَبْضَة الْبعد مأسور)
(أَتَتْهُ وَمَا فِيهِ لعائد سقمه ... سوى آنة تنبث من قلب مصدور)
(فَلَمَّا تهادت فِي حلى فصاحة ... من النّظم عَن سحر البلاغة مأثور)
(أكب على تقبيلها بعد ضمهَا ... إِلَى خاطر من لوعة الْبَين مكسور)
(وأجرى لَهَا دمع المآقي وَلم يكن ... يُقَابل منظوما سواهُ بمنثور)
(فأرشفه كأس السلاف خطابها ... وغازله من خطها أعين الْحور)
)
(فكم حِكْمَة فِيهَا لَهَا الحكم فِي النهى ... وَكم مثل فِي غَايَة الْحسن مَشْهُور)
(يرى كل سطر فِي محَاسِن وَضعه ... كمسك عذار فَوق وجنة كافور)
(فَلَا ألف إِلَّا حكت غُصْن بانة ... وهمزتها من فَوْقهَا مثل شحرور)