خَالِد الْأَحول الْكَاتِب مولى عَاصِم بن الْوَلِيد بن عَتبه بن ربيعَة أَصله من الْأُرْدُن كَاتب كتب لأمراء دمشق وترقت حَاله إِلَى أَن وزر لِلْمَأْمُونِ بعد الْحسن بن سهل أخي ذِي الرياستين وَكَانَ يكنى وَالِده وَلَا يُسَمِّيه خوفًا من الْمَأْمُون قَالَ الصولي حَدثنِي الْقَاسِم بن إِسْمَاعِيل سَمِعت إِبْرَاهِيم بن الْعَبَّاس يَقُول بَعَثَنِي أَحْمد بن أبي خَالِد إِلَى طَلْحَة بن طَاهِر فَقَالَ لي قل لَهُ لَيست لَك ضَيْعَة بِالسَّوَادِ وَهَذِه ألف ألف دِرْهَم بعثت بهَا إِلَيْك لم أبْعث بهَا جاهاً وَلَا مَالا واشتر بهَا ضَيْعَة وَوَاللَّه لَئِن فعلت لتبرّنني وَإِن عصيت لتعصينّني فردّها وَقَالَ أَنا أقدر على مثلهَا وَأخذ واغتنام الْحَال بَيْننَا يرْتَفع عَن أَن يزِيد فِي الوداد أَخذهَا أَو ينقصهُ ردهَا قَالَ إِبْرَاهِيم فَمَا رَأَيْت أكْرم مِنْهُمَا وَكَانَ أَحْمد سيّء اللِّقَاء عَابس الْوَجْه يهرّ فِي وَجه الْخَاص وَالْعَام غير أَن فعله أحسن من لِقَائِه وَكَانَ من عرف)
أخلاقه وصبر على مداراته نَفعه وأكسبه وَركب من دَاره يُرِيد دَار الْمَأْمُون فَلَمَّا رأى كَثْرَة النَّاس حوله قَالَ قد ضيقتم علّي طريقي وشغلتموني عَن خدمَة السُّلْطَان فَقَالَ لَهُ رجل عمريّ احْمَد الله فقد أَعْطَاك مَا لم يُعْطه نبيه عَلَيْهِ اللَّام قَالَ وَمَا ذَاك قَالَ لأنّه يَقُول وَلَو كنت فظّاً غليظ الْقلب لانفضّوا من حولك
وَأَنت فظ غليظ وَنحن نتكاثر عَلَيْك قَالَ فَمَا حَاجَتك قَالَ ترتيبي فِي دَار أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ قد فعلت قَالَ وتقضي ديني قَالَ كم هُوَ قَالَ ثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم قَالَ قد قَضيته وَكَانَ شَرها وحكاياته فِي ذَلِك مَعْرُوفَة فَأجرى الْمَأْمُون عَلَيْهِ كل يَوْم ألف دِرْهَم لمائدته لِئَلَّا يشره إِلَى طَعَام النَّاس ويمدّ إِلَى هَدِيَّة تَأتيه حَتَّى قَالَ فِيهِ دعبل
(شكرنا الْخَلِيفَة إحرازه ... على ابْن أبي خالدٍ نزله)
(فكفّ أَذَاهُ عَن الْمُسلمين ... وصيّر فِي بَيته أكله)
(وَقد كَانَ يقسم أشغاله ... فصيّر فِي نَفسه شغله)
وَقَالَ قَرَأَ ابْن أبي خَالِد على الممون قصَص النَّاس وجاع فمرت بِهِ قصَّة فِيهَا فلَان ابْن فلَان اليزيدي فقرأه الثريدي فَقَالَ الْخَلِيفَة يَا غُلَام صَحْفَة مَمْلُوءَة ثريداً لأبي الْعَبَّاس فَإِنَّهُ أصبح جائعاً فَقَالَ مَا أَنا بجائع وَلَكِن صَاحب الْقِصَّة أَحمَق نقط على الْيَاء ثَلَاث نقطٍ فقالٍ مَا أَنْفَع حمقه لَك وأحضرت الصحفة فَخَجِلَ أَحْمد فَقَالَ الْمَأْمُون بحياتي عَلَيْك إلاّ مَا ملت إِلَيْهَا فَأكل حَتَّى اكْتفى وَغسل يَده وعاود الْقِرَاءَة فمرت بِهِ قصَّة وَعَلَيْهَا فلَان ابْن فلَان الْحِمصِي فقرأها الخبيصي فَقَالَ الْمَأْمُون يَا غُلَام جَام مملوّ خبيصاً فَقَالَ يَا سَيِّدي صَاحب الْقِصَّة أَحمَق فتح الْمِيم سنّتين فَقَالَ لَوْلَا حمقه وحمق صَاحبه متّ أَنْت الْيَوْم جوعا فَأتي بالجام الخبيص فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُون بحياتي عَلَيْك إلاّ مَا ملت إِلَيْهِ فَأكل وَغسل يَده وعاود الْقِرَاءَة فَمَا صحّف حرفا حَتَّى انْقَضى الْمجْلس
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute